قد يكون المراد من هذه العبارة أنّه ربّما كان في المنزل أحد ، ولكن من لديه حق إعطاء الإذن بالدخول غير موجود ، ففي هذه الحالة لا يحق للمرء الدخول إلى المنزل.
ثم تضيف الآية : (وَإِن قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ).
إشارة إلى أنّه لا لزوم لانزعاج المرء إن لم يؤذن له بالدخول ، فلعل صاحب المنزل في وضع غير مريح ، أو أنّ منزله لم يهيأ لاستقبال الضيوف.
وبما أنّ بعض الناس قد يدفعهم حبّ الإطلاع والفضول حين رفضهم استقباله على استراق السمع ، أو التجسس من ثقب الباب لكشف خفايا أهل المنزل وليطلع على أسرارهم ، لهذا قالت الآية : (وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ).
وبما أنّ لكل حكم استثناءً ، لرفع المشكلات والضرورات بشكل معقول عن طريقه ، تقول آخر آية موضع البحث : (لَّيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتعٌ لَّكُمْ).
وتضيف في الختام : (وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ). ولعل ذلك إشارة إلى استغلال البعض هذه الاستثناءات ، فيتذرّع بأنّ المنزل غير مسكون فيدخله بهدف الكشف عن بعض الأسرار ، أو الدخول إلى منازل مسكونة متذرعاً بعدم علمه بأنّها مسكونة ، إلّاأنّ الله يعلم بكل هذه الأعمال ، ويعلم الذين يسيئون الاستفادة من هذا الاستثناء.
(قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (٣٠) وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (٣١)