العبادة ، فإنّ القرآن يدين ويدحض كل هذه الأوهام.
ويقول تعالى في العبارة الأخيرة : (وَخَلَقَ كُلَّ شَىْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا).
ليس كمثل اعتقاد الثنويين الذين يعتقدون بأنّ قسماً من موجودات هذا العالم مخلوقات «الله» ، وأنّ قسماً منها مخلوقات «الشيطان». وبهذا الترتيب كانوا يقسمون الخلق والخلقة بين الله والشيطان.
(وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرّاً وَلَا نَفْعاً وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُوراً (٣) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْماً وَزُوراً (٤) وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (٥) قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً) (٦)
الإتهامات المتعددة الألوان : هذه الآيات تتمة للبحث الذي ورد في الآيات السابقة ، في مسألة المواجهة مع الشرك وعبادة الأوثان. الآية الاولى تجر المشركين إلى المحاكمة ، ولتحريك وجدانهم تقول بمنطق واضح وبسيط ، وفي نفس الوقت قاطع وداحض : (وَاتَّخَذُوا مِن دُونِهِءَالِهَةً لَّايَخْلُقُونَ شَيًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ).
وبعد ، فماذا يمكن أن تكون دوافعهم لعبادة الأوثان التي لا تملك لنفسها نفعاً ولا ضراً ، ولا تملك موتاً ولا حياة ولا نشوراً ، فما بالك بما تستطيعه للآخرين ؛ (وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَوةً وَلَا نُشُورًا).
والاصول المهمة عند الإنسان هي هذه الامور الخمسة بالذات : النفع والضر ، والموت ، والحياة ، والنشور.
فمن يكن بحق مالكاً أصيلاً لهذه الامور ، يكن بالنسبة إلينا جديراً بالعبادة.
هذه الأوثان ليست عاجزة في الدنيا عن حل مشكلة ما لعبدتها فحسب ، بل إنّها لا يؤمل منها شيء في الآخرة أيضاً.
الآية التالية ـ تتناول تحليلات الكفار ـ أو حججهم على الأصح ـ في مقابل دعوة النبي صلىاللهعليهوآله ، فتقول : (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَيهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌءَاخَرُونَ).