وكذلك الجلد ، بل وحتى الأرض التي أطاع الإنسان عليها أو عصى ، كلها ستشهد عليه ، بل ويزاد على عدم السماح لهم بالكلام بـ (وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ).
لأنّ هناك محل مواجهة نتائج الأعمال وليس يوم العمل والإصلاح.
وتشرح الآية التالية حال الظالمين بعد انتهاء مرحلة حسابهم ودخولهم في العذاب ، وكيف أنّهم يطلبون تخفيف شدة العذاب تارةً ، ويطلبون إمهالهم مدّة تارةً اخرى ، فتقول : (وَإِذَا رَءَا الَّذِينَ ظَلَمُوا الْعَذَابَ فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ وَلَا هُمْ يُنظَرُونَ).
وفي الآية التالية يستمر الحديث عن عاقبة المشركين ، وكيف أنّهم سيحشرون في جهنم مع ما أشركوا من معبوداتهم الحجرية والبشرية ، فتقول الآية المباركة واصفة حالهم : (وَإِذَا رَءَا الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكَاءَهُمْ قَالُوا رَبَّنَا هؤُلَاءِ شُرَكَاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوا مِن دُونِكَ) ، فهذه المعبودات هي التي وسوست لنا للوقوع في درَك العمل القبيح ، وهي شريكتنا في الجرم أيضاً ، فارفع عنّا بعض العذاب واجعله لها.
وعندها ... تبدأ تلك الأصنام بالتكلم (بإذن الله) : (فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ) ، فلم نكن شركاء لله ، ومهما وسوسنا لكم فلا نستحق حمل بعض أوزاركم.
وتأتي الآية التالية لتبين أنّ الجميع بعد أن يقولوا كل ما عندهم ، ويسمعوا جواب قولهم ، سيتوجهون إلى حالة اخرى ... (وَأَلْقَوْا إِلَى اللهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ) مسلمين لله ، مذعنين لعظمته جلّ وعلا ، لأنّ غرور وتعصب الجاهلين قد ازيل برؤية الحق الذي لا مفرّ من تصديقه والإذعان إليه.
وفي هذه الأثناء ، وحيث كل شيء جليّ كوضوح الشمس .. (وَضَلَّ عَنْهُم مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ). فتبطل كذبتهم بوجود شريك لله ، وكذلك يبطل ادعاؤهم بشفاعة الأصنام لهم عند الله ، عندما يلمسون عدم قدرة الأصنام للقيام بأيّ عمل ، بل ويرونها محشورة معهم في نار جهنم.
وبهذا المقدار من الآيات كان الحديث منصبّاً حول انحراف المشركين الضالين وغرقهم في درك الشرك ، دون أن يدعوا الآخرين إلى ما هم فيه .. وبعد ذلك ينتقل القرآن الكريم إلى الكافرين من الذين لم يكتفوا بأن يكونوا كافرين ، وإنّما كانوا يبذلون أقصى جهودهم لإضلال الآخرين! فيقول : (الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ).