السماء أي أجر وعوض : (قُلْ مَا أَسَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ). ثم يضيف : إنّ الأجر الوحيد الذي أطلبه أن يهتدي الناس إلى طريق الله (إِلَّا مَن شَاءَ أَن يَتَّخِذَ إِلَى رَبّهِ سَبِيلاً).
يعني أجري وجزائي هو هدايتكم فقط ، وبكامل الإرادة والاختيار أيضاً ، فلا إكراه ولا إجبار فيه ، وكم هو جميل هذا التعبير الكاشف عن غاية لطف ومحبة النبي صلىاللهعليهوآله لأتباعه ، ذلك لأنّه عدّ أجره وجزاءه سعادتهم.
وتبيّن الآية التي بعدها المعتمد الأساس للنبي صلىاللهعليهوآله : (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَىّ الَّذِى لَايَمُوتُ).
فمع هذا المعتمد والملجأ فلا حاجة لك بأجر وجزاء هؤلاء ، ولا خوف عليك من ضررهم ومؤامراتهم.
والآن حيث الأمر على هذه الصورة فسبح الله تنزيهاً له من كل نقص ، وأحمده إزاء كل هذه الكمالات : (وَسَبّحْ بِحَمْدِهِ).
ثم يضيف القرآن الكريم : لا تقلق من بهتان ومؤامرات الأعداء ، لأنّ الله مطلع على ذنوب عباده وسيحاسبهم : (وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا).
الآية التالية بيان لقدرة الخالق في ساحة عالم الوجود ، ووصف آخر لهذا الملاذ الأمين. يقول تعالى : (الَّذِى خَلَقَ السَّموَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ). (ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ) فأخذ بتدبير العالم.
إنّ من له هذه القدرة الواسعة يستطيع أن يحفظ المتوكلين عليه من كل خطر وحادثة.
وفي ختام الآية يضيف تعالى : (الرَّحْمنُ) : من شملت رحمته العامة جميع الموجودات ، فالمطيع والعاصي والمؤمن والكافر يغترفون من خوان نعمته التي لا انقطاع فيها.
والآن ، حيث ربّك الرحمن القادر المقتدر ، فإذا أردت شيئاً فاطلب منه فإنّه المطلع على احتياجات جميع عباده : (فَسَلْ بِهِ خَبِيرًا).
(وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا (٦٠) تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاء بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُّنِيرًا (٦١) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا) (٦٢)
البروج السماوية : كان الكلام في الآيات الماضية عن عظمة وقدرة الله ، وعن رحمته