الطبقات العليا ، وهي هنا كناية عن أعلى منازل الجنة.
المهم أنّ الصبر ليس وصفاً جديداً لهم ، بل هو ضمانة تطبيق جميع الصفات السابقة ، وعلى هذا فللصبر هنا مفهوم واسع ، فالتحمل والصمود أمام مشكلات طريق الحق ، والجهاد والمواجهة ضد العصاة ، والوقوف أمام دواعي الذنوب ، تجتمع كلها في ذلك المفهوم.
ثم يضيف تعالى : (وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلمًا).
أهل الجنّة يحيي بعضهم بعضاً ، وتسلم الملائكة عليهم ، وأعلى من كل ذلك أنّ الله يحييهم ويُسلم عليهم.
ثم يقول تبارك وتعالى للتأكيد أكثر : (خلِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا).
(قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا) (٧٧)
لولا دعاؤكم ، لما كانت لكم قيمة : هذه الآية التي هي الآية الأخيرة في سورة الفرقان ، جاءت في الحقيقة نتيجة لكل السورة ، وللأبحاث التي بصدد صفات «عباد الرحمن» في الآيات السابقة ، فيقول تبارك وتعالى مخاطباً النبي صلىاللهعليهوآله : (قُلْ مَا يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبّى لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ). وبناء على هذا ، إنّ ما يعطيكم الوزن والقيمة والقدر عند الله هو الإيمان بالله والتوجه إليه ، والعبودية له.
ثم يضيف تعالى : (فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا).
يعني : أنّكم قد كذبتم فيما مضى بآيات الله وبأنبيائه ، فإذا لم تتوجهوا إلى الله ، ولم تسلكوا طريق الإيمان به والعبودية له ، فلن تكون لكم أية قيمة أو مقام عنده ، وستحيط بكم عقوبات تكذيبكم.
|
«نهاية تفسير سورة الفرقان» |
* * *