فلذلك فإنّي أطلب أن تشدّ أزري بأخي : (فَأَرْسِلْ إِلَى هرُونَ).
لنؤدّي رسالتك الكبرى بأكمل وجه بتعاضدنا في مواجهة الظالمين والمستكبرين.
وبغض النظر عن كل ذلك فإنّ قوم فرعون يطاردونني (وَلَهُمْ عَلَىَّ ذَنبٌ) كما يعتقدون لأنّي قتلت واحداً منهم ـ حين كان يتنازع مع إسرائيلي مظلوم ـ بضربة حاسمة ، وأنا قلق من ذلك : (فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ).
إنّ موسى لم يكن خائفاً على نفسه ، بل كان خوفه أن لا يصل إلى الهدف والمقصد للأسباب آنفة الذكر ، لذلك فقد كان يطلب من الله سبحانه مزيد القوة لهذه المواجهة ...
فاستجاب الله طلب موسى ودعوة الصادقة و (قَالَ كَلَّا). فلن يستطيعوا قتلك ، أو كلّا لن يضيق صدرك وينعقد لسانك ، وقد أجبنا دعوتك أيضاً في شأن أخيك ، فهو مأمور معك في هذه المهمة : (فَاذْهَبَا بَايَاتِنَا) لتدعوا فرعون وقومه إلى توحيد الله.
ولا تظنّا بأنّ الله بعيد عنكم أو لا يسمع ما تقولان : (إِنَّا مَعَكُم مُّسْتَمِعُونَ) ...
(فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٦) أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ (١٧) قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ (١٨) وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ (١٩) قَالَ فَعَلْتُهَا إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ (٢٠) فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ (٢١) وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ) (٢٢)
مواجهة فرعون مواجهةً منطقية وقاطعة : انتهت في الآيات المتقدمة المرحلة الاولى لمأمورية موسى عليهالسلام وهي موضوع الوحي والرسالة وطلبه أسباب الوصول إلى هذا الهدف الكبير ... وتعقيباً على المرحلة الآنفة تأتي الآيات ـ محل البحث ـ لتمثل المرحلة الثانية ، أي مواجهة موسى وهارون لفرعون ، والكلام المصيري الذي جرى بينهم. تقول الآية الاولى من هذه الآيات مقدمة لهذه المرحلة : (فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبّ الْعَالَمِينَ).
وضمن دعوتكما لفرعون بأنّكما رسولا ربّ العالمين اطلبا منه أن يُرسل بني إسرائيل ويرفع يده عنهم : (أَن أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِى إِسْرَاءِيلَ).
وبديهي أنّ المراد من الآية أن يرفع فرعون عن بني إسرائيل نير العبودية والقهر