(وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِى إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ).
وفعلاً امتثل موسى عليهالسلام هذا الأمر ، وعبأ بني إسرائيل بعيداً عن أعين أعدائهم ، وأمرهم بالتحرك ، إلّاأنّ من البديهي أنّ حركة جماعة بهذا الشكل ليس هيناً يسيراً يمكن إخفاؤه لزمان طويل ، فما كان أسرع أن رفع جواسيس فرعون هذا الخبر إليه ، وكما يحدثنا القرآن عن ذلك أنّ فرعون أرسل رسله وأعوانه إلى المدن لجمع القوات : (فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِى الْمَدَائِنِ حشِرِينَ).
ولتعبئة الناس ـ ضمناً ـ وتهيئة الأرضية لإثارتهم ضد موسى وقومه ، أمر فرعون أن يُعلَن (إِنَّ هؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ).
فبناء على ذلك فنحن منتصرون عند مواجهتنا لهذه الفئة القليلة حتماً.
«الشرذمة» : في الأصل تعني القلة من الجماعة ، كما تعني ما تبقى من الشيء ، ويطلق على اللبوس الممزق الخلق «شراذم» ، فبناء على هذا يكون المعنى أنّ هؤلاء «أي موسى وقومه» بالإضافة إلى أنّهم قليلون فهم متفرقون ، فكأنّ فرعون ، بهذا التعبير أراد أن يجسد عدم انسجام بني إسرائيل من حيث إعداد الجيش فيهم ...
ثم تضيف الآية الاخرى حاكية عن لسان فرعون : (وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ). فمن يسقي مزارعنا غداً ، ومن يخدم في البيوت والقصور غيرهم؟!
ثم إنّا من مؤامرتهم يجب أن نكون على حذر سواء أقاموا أم رحلوا : (وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حذِرُونَ) ومستعدون جميعاً لمواجهتهم.
ثم يذكر القرآن النتيجة الإجمالية لعاقبة فرعون وقومه وزوال حكومته ، وقيام حكومة بني إسرائيل ، فيقول : (فَأَخْرَجْنهُم مّن جَنتٍ وَعُيُونٍ * وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ).
أجل ، (كَذلِكَ وَأَوْرَثْنهَا بَنِى إِسْرَاءِيلَ).
(فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ (٦٠) فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (٦١) قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (٦٢) فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ (٦٣) وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ (٦٤) وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ (٦٥) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ (٦٦) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (٦٧) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) (٦٨)