(يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (٨٨) إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (٨٩) وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ (٩٠) وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ (٩١) وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (٩٢) مِنْ دُونِ اللهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ (٩٣) فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ (٩٤) وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ (٩٥) قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ (٩٦) تَاللهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٩٧) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (٩٨) وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ (٩٩) فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ (١٠٠) وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ (١٠١) فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (١٠٢) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (١٠٣) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) (١٠٤)
اشير في آخر آية من البحث السابق إلى يوم القيامة ومسألة المعاد ، أمّا في هذه الآيات فنلحظ تصوير يوم القيامة ببيان جامع ، كما نلاحظ فيها أهم المتاع «في تلك السوق» ، وعاقبة المؤمنين وعاقبة الكافرين والضالين وجنود إبليس ، فأوّل ما تبدأ به هذه الآيات هو : (يَوْمَ لَايَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ).
إنّ هاتين الدعامتين المهمتين في الحياة الدنيا «المال والبنون» ليس فيهما أدنى نفع لصاحبهما يوم القيامة.
وبديهي أنّ المراد من المال والبنين هنا ليس هو ما يكون ـ من المال والبنين ـ في مرضاة الله ، بل المراد منه الإستناد إلى الامور الماديّة ، فالمراد إذاً هو أنّ هذه الدعامات المادية لا تحلّ معضلاً في ذلك اليوم.
ثم يضيف القرآن في ختام الآية ، على سبيل الإستثناء : (إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ).
وياله من تعبير رائع جامع ، تعبير يتجسد فيه الإيمان والنية الخالصة ، كما يحتوي على كل ما يكون من عمل صالح ، ولم لا يكون لمثل هذا القلب من ثمر سوى العمل الصالح.
ثم يبيّن القرآن الجنة والنار بالنحو التالي فيقول : (وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ * وَبُرّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ). أي الضالين.
وهذا الأمر قبل ورود كل من أهل الجنة والنار إليهما ، فكل طائفة ترى مكانها من قريب .. فيفرح المؤمنون ويستولي الرعب على الغاوين ، وهذا أوّل جزائهما هناك.