قصص الأنبياء الآخرين من السورة ذاتها فيقول : (إِنَّ فِى ذلِكَ لَأَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ * إِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ).
وتكرار هاتين الآيتين ، هو للتسرية عن قلب النبي صلىاللهعليهوآله وتسليته ومن معه من الصحابة القلة وكذلك المؤمنين في كل عصر ومصر لئلا يستوحشوا في الطريق من قلة أهله وكثرة الأعداء ... وليطمئنوا إلى رحمة الله وعزته ، كما أنّ هذا التكرار بنفسه تهديد للغاوين الضالين ، وإشارة إلى أنّه لو وجدوا الفرصة في حياتهم وأمهلهم الله إمهالاً فليس ذلك عن ضعف منه سبحانه ، بل هو من رحمته وكرمه.
(كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ (١٠٥) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ (١٠٦) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٠٧) فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ (١٠٨) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٠٩) فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ (١١٠) قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ (١١١) قَالَ وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١١٢) إِنْ حِسَابُهُمْ إِلَّا عَلَى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ (١١٣) وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ (١١٤) إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ) (١١٥)
يتحدث القرآن الكريم بعد الإنتهاء ممّا جرى لإبراهيم وقومه الضالين عن قوم نوح عليهالسلام حديثاً للعبرة والإتعاظ ... فيذكر عنادهم وشدّتهم في موقفهم من نوح عليهالسلام وعدم حيائهم وعاقبتهم الأليمة ضمن عدّة آيات ... فيقول أوّلاً : (كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ).
وواضح أنّ قوم نوح إنّما كذبوا نوحاً فحسب ... ولكن لما كانت دعوة المرسلين واحدة من حيث الأصول ، فقد عدّ تكذيب نوح تكذيباً للمرسلين جميعاً.
ثم يشير القرآن الكريم إلى هذا الجانب من حياة نوح عليهالسلام ، الذي سبق أن أشار إليه في كلامه حول إبراهيم وموسى عليهماالسلام ، فيقول : (إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ).
والتعبير بكلمة «أخ» تعبير يبيّن منتهى المحبة والعلاقة الحميمة على أساس المساواة ، وهو يلهم جميع القادة والأدلاء على طريق الحق أن يراعوا في دعواتهم منتهى المحبة المقرونة بالاجتناب عن طلب التفوق لجذب النفوس نحو مذهب الحق ، ولا يستثقله الناس.
وبعد دعوة نوح قومه إلى التقوى التي هي أساس كل أنواع الهداية والنجاة ، يضيف