(كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ (١٦٠) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ (١٦١) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٦٢) فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ (١٦٣) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٦٤) أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ (١٦٥) وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ) (١٦٦)
السفلة المعتدون : سادس نبيّ ـ ورد جانب من حياته وحياة قومه المنحرفين في هذه السورة ـ هو لوط عليهالسلام. يقول القرآن أوّلاً في هذا الصدد : (كَذَّبْت قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ).
ثم يشير القرآن الكريم إلى دعوة لوط التي تنسجم مع دعوة الأنبياء الآخرين الماضين ، فيقول : (إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ).
ولحن كلماته وقلبه المتحرق لهم ، العميق في تودّه إليهم ، يدل على أنّه بمثابة «الأخ» لهم.
ثم أضاف لوط قائلاً : (إِنّى لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ). فلم تعرفوا عنّي خيانة حتى الآن ... وسأرعى الأمانة في إيصال رسالة الله إليكم أبداً ... (فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ). فأنا زعيمكم إلى السعادة والنجاة.
ولا تتصوروا أنّ هذه الدعوة وسيلة اتخذها للحياة والعيش ، وأنّ وراءها هدفاً مادياً ، كلّا : (وَمَا أَسَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِىَ إِلَّا عَلَى رَبّ الْعَالَمِينَ).
ثم يتناول بالنقد أعمالهم القبيحة ، وقسماً من انحرافاتهم الأخلاقية ... وحيث إنّ أهم نقطة في انحرافاتهم ... هي مسألة الانحراف الجنسي ، لذلك فإنّه ركّز عليها وقال : (أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ). فتختارون الذكور من بين الناس لاشباع شهواتكم.
أي ، إنّكم على الرغم مما خلق الله لكم من الجنس المخالف «النساء» حيث تستطيعون أن تعيشوا معهن بالزواج المشروع عيشاً طاهراً هادئاً ، إلّاأنّكم تركتم نعمة الله هذه وراءكم ، ولوّثتم أنفسكم بمثل هذا العمل القبيح المخزي ...
ثم أضاف قائلاً : (وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُم مّن أَزْوَاجِكُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ).
فالحاجة والغريزة الطبيعية ، سواءً كانت روحية أم جسمية لم تجرّكم إلى هذا العمل الانحرافي الشنيع أبداً ، وإنّما جرّكم الطغيان والتجاوز ، فتلوثتم وخزيتم به ...