الحق ، وتشتت الصفوف وفقدان الثقة حتى لا يرغب الناس في الإسلام ، وإن عقدوا معكم عهداً فسوف لا يجدون أنفسهم ملزمين بالوفاء به ، وهذا ما يؤدّي لمساوي ومفاسد كثيرة ، وبروز حالة التخلف في الحياة الدنيا.
وأمّا على صعيد الحياة الاخرى فإنّه سيكون سبباً للعقاب والعذاب الإلهي.
(وَلَا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللهِ ثَمَناً قَلِيلاً إِنَّمَا عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٩٥) مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٩٦) مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (٩٧)
سبب النّزول
في تفسير مجمع البيان : قال ابن عباس : إنّ رجلاً من حضر موت يقال له عبدان الأشرع قال : يا رسول الله ، إنّ امرأ القيس الكندي جاورني في أرضي فاقتطع من أرضي فذهب بها منّي. فسأل رسول الله صلىاللهعليهوآله امرأ القيس عنه ، فقال : لا أدري ما يقول. فأمره أن يحلف ، فقال عبدان : إنّه فاجر لا يبالى أن يحلف ، فقال : إن لم يكن لك شهود فخذ بيمينه. فلمّا قام ليحلف أنظره فانصرفا فنزل قوله : (وَلَا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللهِ) الآيتان. فلمّا قرأهما رسول الله صلىاللهعليهوآله قال امرؤ القيس : أمّا ما عندي فينفد ، وهو صادق فيما يقول. لقد اقتطعت أرضه ولم أدر كم هي ، فليأخذ من أرضي ما شاء ، ومثلها معها ، بما أكلت من ثمرها. فنزل فيه (مَنْ عَمِلَ صلِحًا) الآية.
التّفسير
جاءت الآية الاولى من هذه الآيات لتؤكّد على قبح نقض العهد مرّة اخرى ولتبيّن عذراً آخراً من أعذار نقض العهد الواهية ، فحيث تطرقت الآيات السابقة إلى عذر الخوف من كثرة الأعداء تأتي هذه الآية لتطرح ما للمصلحة الشخصية (المادية) من أثر سلبي على حياة الإنسان. ولهذا تقول : (وَلَا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللهِ ثَمَنًا قَلِيلاً).
أي : إنّ قيمة الوفاء بعهد الله لا تدانيها قيمة ، ولو استلمتم زمام ملك الدنيا بأسرها فإنّه