لا يساوي قيمة لحظة واحدة من الوفاء بعهد الله.
وتضيف الآية المباركة للدلالة على هذا الأمر : (إِنَّمَا عِندَ اللهِ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ).
ويبيّن القرآن في الآية التالية سبب الأفضلية بقوله : (مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ اللهِ بَاقٍ).
ثم يضيف قائلاً : (وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُم) ـ وعلى الأخص في الثبات على العهد والأيمان ـ (بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).
إنّ التعبير ب «أحسن» دليل على أنّ أعمالهم الحسنة ليست بدرجة واحدة ، فبعضها حسن والبعض الآخر أحسن ، ولكن الله تعالى يجزي الجميع بأحسن ما كانوا يعملون ، وهو ذروة اللطف والرحمة الربانية.
ثم يبيّن القرآن الكريم بعد ذلك ـ على صورة قانون عام ـ نتائج الأعمال الصالحة المرافقة للإيمان في هذه الدنيا وفي الآخرة ، فيقول : (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَوةً طَيّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).
وعليه ، فالمقياس هو الأعمال الصالحة الناتجة عن الإيمان بلا قيد أو شرط ، من حيث السن أو الجنس أو المكانة الإجتماعية أو ما شابه ذلك.
الحياة الطيبة ، تعنى الحياة الطيبة بجميع جهاتها ، وخالية من التلوّثات والظلم والخيانة والعداوة والذل وكل ألوان الآلام والهموم ، وفيها ما يجعل حياة الإنسان صافية كماء زلال. (فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (٩٨) إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٩٩) إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ) (١٠٠)
تبيّن الآيات مورد البحث طريقة الاستفادة من القرآن وتتطرق إلى كيفية تلاوته ، فكثافة المحتوى القرآني لا تكفي وحدها لتوجيهنا ، ولابد من رفع الحجب المخيّمة على وجودنا وإزالتها عن محيط فكرنا وروحنا ، كي نتمكن من تحصيل هذا المحتوى الثّر الغني. ولهذا يقول القرآن : (فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْءَانَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطنِ الرَّجِيمِ).
ولا يقصد من الإستعاذة الاكتفاء بالذكر ، بل ينبغي لها أن تكون مقدمة لتحقيق وإيجاد الحالة الروحية المطلوبة. حالة : التوجه إلى الله عزوجل ، الإنفصال عن هوى النفس والعناد