فصمّموا على أن يكمنوا له هناك ليقتلوه عند مجيئه في الليل ، ويحملوا على بيته بعد استشهاده ثم يعودوا إلى بيوتهم ، وإذا سئلوا أظهروا جهلهم وعدم معرفتهم بالحادث.
فلما كمنوا في زاوية واختبأوا في ناحية من الجبل انثالت صخور من الجبل تهوي إلى الأرض ، فهوت عليهم صخرة عظيمة فأهلكتهم في الحال.
لذلك يقول القرآن في الآية التالية : (وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَايَشْعُرُونَ).
ثم يضيف قائلاً : (فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ).
وكلمة «مكر» تستعملها العرب في كل حيلة وتفكير للتخلص أو الإهتداء إلى أمر ما .. ولا تختص بالامور التي تجلب الضرر ، بل تستعمل بما يضر وما ينفع .. فإذا نسبت هذه الكلمة إلى الله فإنّها تعني إحباط المؤامرات الضارة من قبل الآخرين.
ثم يعبّر القرآن عن كيفية هلاكهم وعاقبة أمرهم فيقول : (فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا). أجل ، لقد أذهبهم ريح عتوّهم وظلمهم ، واحترقوا بنار ذنوبهم فهلكوا جميعاً (إِنَّ فِى ذلِكَ لَأَيَةً لّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ).
إلّا أنّ الأخضر لم يحترق باليابس ، والأبرياء لم يؤخدوا بجرم الأشقياء ... بل سلم المتقون (وَأَنجَيْنَا الَّذِينَءَامَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ).
(وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (٥٤) أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ) (٥٥)
انحراف قوم لوط : إنّ النبي الخامس الذي وردت الإشارة إليه في هذه السورة : نبي الله العظيم «لوط». يقول القرآن في الآيتين محل البحث أوّلاً : (وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفحِشَةَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ). «الفاحشة» : تعني الأعمال السيئة القبيحة ، والمراد منها الإنحراف الجنسي وعمل اللواط المخزي.
ثم يضيف القرآن قائلاً : (أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النّسَاءِ).
ولكي يتّضح بأنّ الدافع على هذا العمل هو الجهل ، فالقرآن يضيف قائلاً : (بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ).