يرونه منسجماً مع ما ورد في كتبهم السماوية من علامات ودلائل.
ثم يضيف القرآن في وصفهم قائلاً : (وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُواءَامَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبّنَا).
ثم يضيف القرآن متحدثاً عنهم : إنّنا مسلمون لا في هذا اليوم فحسب ، بل (إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ).
ثم يتحدث القرآن الكريم عن هذه الجماعة التي آمنت بالنبي من غير تقليد أعمى ، وإنّما طلباً للحق ، فيقول : (أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا).
فمرّة لإيمانهم بكتابهم السماوي الذي كانوا صادقين أوفياء لعهدهم معه ... ومرّة اخرى لإيمانهم بنبيّ الإسلام العظيم صلىاللهعليهوآله النبي الموعود المذكور عندهم في كتبهم السماوية.
ثم يشير القرآن الكريم إلى بعض أعمالهم الصالحة من قبيل «دفع السيئة بالحسنة» و «الإنفاق مما رزقهم الله» و «المرور الكريم باللغو والجاهلين» وكذلك الصبر والإستقامة ، وهي خصال أربع ممتازة. حيث يقول في شأنهم القرآن الكريم : (وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيّئَةَ).
والخصلة الاخرى في هؤلاء الممدوحين بالقرآن أنّهم : (وَمِمَّا رَزَقْنهُمْ يُنفِقُونَ).
وليس الإنفاق من الأموال فحسب ، بل من كل ما رزقهم الله من العلم والقوى الفكرية والجسميّة والوجاهة الإجتماعية ، وجميع هذه الامور من مواهب الله ورزقه ـ فهم ينفقون منها في سبيل الله.
وآخر صفة ممتازة بيّنها القرآن في شأنهم قوله : (وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ).
ولم يردّوا الجهل بالجهل واللغو باللغو ، بل (وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ).
ثم يضيف القرآن في شأنهم حين يواجهون الجاهلين يقولون : (سَلمٌ عَلَيْكُمْ لَانَبْتَغِى الْجَاهِلِينَ). أجل ، هؤلاء العظام هم الذين يستطيعون أن يستوعبوا رسالة الإيمان في نفوسهم ، والذين بذلوا جهداً وقاوموا أنواع الصعاب ليصلوا إلى معنى «الإيمان».
(إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (٥٦) وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) (٥٧)
الهداية بيد الله وحده : إنّ الآيات السابقة كانت تتحدث عن طائفتين : طائفة من