أمّا المقصود من «الروح» في الآية هو : الوحي والقرآن والنبوة ، والتي هي مصدر الحياة المعنوية للبشرية.
إنّ كلمة «الروح» في هذا الموضوع ذات جانب معنوي وإشارة إلى كل ما هو سبب لإحياء القلوب وتهذيب النفوس وهداية العقول.
(خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٣) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (٤) وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (٥) وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ (٦) وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (٧) وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ) (٨)
بعد أن تحدثت الآيات السابقة عن نفي الشرك ، جاءت هذه الآيات لتقلع جذوره بالكامل ، وتوجّه الإنسان نحو خالقه بطريقين :
الأوّل : عن طريق الأدلة العقلية من خلال فهم ومحاولة استيعاب ما في الخلائق من نظام عجيب.
الثاني : عن طريق العاطفة ببيان نعم الله الواسعة على الإنسان ، عسى أن يتحرك فيه حس الشكر على النعم فيتقرب من خلاله إلى المنعم سبحانه.
فيقول : (خَلَقَ السَّموَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقّ). وتتّضح حقانية السماوات والأرض من نظامها المحكم وخلقها المنظم وكذلك من هدف خلقها وما فيها من منافع.
ثم يضيف : (تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ). فهل تستطيع الأصنام إيجاد ما أوجده الله؟!
بل هل تستطيع أن تخلق بعوضة صغيرة أو ذرة تراب؟!
فكيف إذن جعلوها شريكة الله سبحانه!
وبعد الإشارة إلى خلق السماوات والأرض وما فيها من أسرار لا متناهية يعرّج القرآن الكريم إلى بعض تفاصيل خلق الإنسان من الناحية التكوينية فيقول : (خَلَقَ الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ).