المشيئة الإلهية ببسط الرزق وتقديره لمن يشاء ، وهذا دليل الحكمة ، إذ تقضي الحكمة بزيادة رزق من يسعى ويبذل الجهد ، بينما تقضي بتضييقه لمن هو أقل جهداً وسعياً.
(وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْأً كَبِيراً (٣١) وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً (٣٢) وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً (٣٣) وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولاً (٣٤) وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) (٣٥)
ستة أحكام مهمة : في متابعة للأحكام الإسلامية التي أثارتها الآيات السابقة ، تتحدث هذه الآيات عن ستة أحكام إسلامية اخرى وردت في ست آيات.
أوّلاً : تشير الآية إلى عمل قبيح وجاهلي هو من أعظم الذنوب ، فتنهى عنه : (وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلدَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلقٍ). فرزق هؤلاء ليس عليكم (نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ). أمّا علّة الحكم فهي : (إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطًا كَبِيرًا).
هذه الآية تفيد أنّ الوضع الاقتصادي للعرب في الجاهلية كان صعباً وسيّئاً. بحيث إنّهم كانوا يقتلون أبناءهم في بعض الأحيان خوف العيلة والفقر ، وهناك كلام بين المفسرين فيما إذا كان العرب في الجاهلية يدفنون البنات أحياء وحسب ، أو أنّهم كانوا يقتلون الأبناء أيضاً خوفاً من الفقر.
وفي الوقت الذي نستغرب فيه ارتكاب الجاهليين لهذه الجرائم بحق النوع البشري ، فإنّ عصرنا الحاضر ـ وفي أكثر مجتمعاته رُقيّاً وتقدّماً ـ يعيد تكرار هذه الجريمة ولكن بأسلوب آخر ، إذ أنّ العمليات الواسعة في إسقاط الجنين وقتله خوفاً من الضائقة المالية وازدياد عدد السكان ، هي نموذج آخر للقتل.
ثانياً : الآية التي بعدها تشير إلى ذنب عظيم آخر هو الزنا : (وَلَا تَقْرَبُوا الزّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً).