هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ) (١)». أي اذا اؤتمنوا لم يخونوا الامانة ، بل أدوها الى أهلها مهما كانت ، كما أنهم يحفظون أمانتهم في دينهم واعتقادهم وقولهم وعملهم وسلوكهم مع الناس.
* * *
ولقد جاءت السنة النبوية المطهرة من وراء القرآن المجيد ، فعنيت بفضيلة الامانة ، ورفعت من شأنها ، وزكّت من حديثها ، فقال الرسول عليه الصلاة والسّلام : «الامانة غنى» أي هي سبب الغنى ، لأن الانسان اذا عرفه الناس بالامانة أقبلوا على معاملته ، وأحبوه ، فيصير ذلك سبب غناه.
وخاطب الرسول كل مسلم فقال له : «أربع اذا كن فيك فلا عليك ما فاتك من الدنيا : حفظ أمانة ، وصدق حديث ، وحسن خليقة ، وعفة في طعمة». فانظر كيف جعل فضيلة الامانة طليعة لتلك الفضائل الاربع.
وطالب النبي كل مسلم بأن يرعى الامانة ويستمسك بها مع الناس جميعا ، فقال : «أدّ الامانة الى من ائتمنك ، ولا تخن من خانك».
وأرشدت السنة المطهرة الى أحوال ومواطن تحتاج الى الامانة لتصونها وتحصنها ، فقال الحديث : «المجالس بالأمانة» وفي هذا حث على صيانة ما يجري في المجلس من أحاديث أو أسرار ، فكأن ذلك أمانة عن من سمعه أو رآه. وجاء الحديث : «المستشار مؤتمن». أي أمين على المشورة أو النصيحة ، فان كان يعرف وجه الصواب فيما يستشار فيه ،
__________________
(١) سورة المؤمنون ، الآية ٨.