غض البصر والصوت
مادة «الغضّ» في اللغة تدل على النقص والخفض والتقليل ، ويذكر ابن فارس في معجمه «معجم مقاييس اللغة ان هذه المادة لها اصلان أحدهما يدل على كف ونقص ، ويدل الآخر على لين وطراوة ، فكل شيء غضضته فقد كففته ، والشيء الغض هو الطري ، ويقال : غض بصره أي خفضه ، وكذلك غض صوته أي خفضه. واذا كان غض الصوت يدل على استقرار الشخصية وهدوء النفس ، واتزان التفكير وسلامة الحس ، فان غض البصر أدب نفسي وفضيلة أخلاقية تدل على ترفع صاحبها عن الخنا ، وتساميه عن الاستجابة لدواعي الشهوات والأهواء.
ولقد ذكر القرآن الكريم فضيلة «غض البصر» في سورة النور ، ضمن ما أمر الله تبارك وتعالى رسوله أن يبلغه الى عباده ، ويدعوهم اليه ويأمرهم به ، ولم يكتف القرآن بأن يأمر الرجال بغض الابصار ، بل أمر به النساء أيضا ، لأن الفضيلة هنا مطلوبة لهؤلاء وهؤلاء ، فقال : (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ ، وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ، ذلِكَ أَزْكى لَهُمْ ، إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما يَصْنَعُونَ ، وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ ، وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا ما ظَهَرَ مِنْها ، وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ ، وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبائِهِنَّ أَوْ آباءِ بُعُولَتِهِنَّ ، أَوْ أَبْنائِهِنَّ أَوْ أَبْناءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوانِهِنَّ ، أَوْ بَنِي أَخَواتِهِنَّ أَوْ نِسائِهِنَّ ، أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ ، أَوِ