الحذر
أصل مادة «الحذر» يدل على التيقظ والتحرز والانتباه ، والرجل الحذور هو المتيقظ المتحرز ، وحذرون أي خائفون ، ولذلك قيل ان الحذر احتراز عن مخيف ، والانسان الذي يتحلى بفضيلة الحذر يكون صاحب خشية ، فهو يقدر لرجله قبل الخطو موضعها ، وهو لا يتكلم الا عن تفكير وبصيرة ، ولا يتصرف الا عن تدبر وحكمة ، وهو يحسب لكل أمر حسابه ، ويعد لكل نازلة عدتها ، فلا يؤخذ على غرة ، ولا يخدعه غيره بسهولة ، لان الرسول عليه الصلاة والسّلام يقول : «المؤمن كيس فطن». ويقول : «لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين» ، وهو يحذر أن يقف موقف المؤاخذة أو المعاقبة او المحاسبة ، ولذلك لا يرتكب ما يعتذر عنه ، ولا يقترب مما يعيبه أو يؤخذ عليه ، وهو يحصن نفسه وحسه وعقله وقلبه ، بما يجعله بعيدا عن الخطأ والخطر والعقاب.
ولقد تحدث كتاب الله المجيد عن فضيلة الحذر في جملة مواضع ، واذا كان للحذر ألوان وأنواع ، فان الحذر من عقاب الله ومؤاخذته أولى ألوان الحذر باهتمام المؤمن وعنايته ، والله جل جلاله يقول في سورة البقرة : (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ) (١). أي أن الله تعالى يعلم ما في انفسكم من العزم
__________________
(١) سورة البقرة ، الآية ٢٣٥.