الاعراض عن اللغو
لمادة «اللغو» معنيان أصليان : أحدهما يدل على الشيء الذي لا يعتد به ، والآخر على اللهج بالشيء واللجاج فيه ، واللغو من الكلام ما لا يعتد به ، وهو الذي يورده قائله من غير روية أو فكر ، فيجري مجرى اللغا ، وهو صوت العصافير ونحوها من الطيور ، وقد يسمى كل قبيح من الكلام لغوا. ويقال : لغا الانسان يلغو ويلغى ، اذا تكلم بالمطروح من القول وما لا يعني ، ولغى الانسان بكذا : أي لهج به كلهج العصفور بلغاه ، أي بصوته ، وسميت اللغة لغة ، لانها الكلام الذي يلهج به أهلوه ، أي يرددونه.
والالغاء هو الابطال ، وقد تستعمل كلمة «لاغية» بمعنى ملغاة ، ومن ذلك الحديث القائل : «والحمولة المائرة لهم لاغية» أي ملغاة لا تعد عليهم ، ولا تلزمهم لها صدقة ، والمائرة هي الابل التي تحمل الميرة.
والاعراض عن اللغو هو تركه وعدم اتيانه ، والابتعاد عمن يأتونه ، وعدم الاقبال عليهم ، لان اللغو من صفات أهل الباطل والضلال ، ولقد جاء في سورة «فصلت» قوله تعالى : (وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون) (١) : أي لا تسمعوه وعارضوه باللغو ، وهو الكلام الخالي عن الفائدة ، وكان الكفار يوصي بعضهم
__________________
(١) سورة فصلت ، الآية ٢٦.