الغزالي ولوم النفس
هذا نص أخلاقي أدبي رائع ، من كتاب «الاحياء» ، يعطينا فيه الامام الغزالي نموذجا مثيرا موسعا لمناجاة النفس باللوم والمعاتبة ، وقد رأيت أن أجعله ضميمة الى موضوع «لوم النفس» السابق وأعلق عليه ، لعل في ذلك عظة وعبرة لمن أراد الاقتداء والاحتذاء :
«يا نفس ...
ما أعظم جهلك. تدعين الحكمة والذكاء والفطنة ، وأنت أشد الناس غباوة وحمقا.
أما تعرفين ما بين يديك من الجنة والنار ، وأنك صائرة الى احداهما على القرب (١)؟.
فما لك تفرحين وتضحكين ، وتشتغلين باللهو ، وأنت مطلوبة لهذا الخطب الجسيم؟. وعساك اليوم تختطفين أو غدا. فأراك ترين الموت بعيدا ، ويراه الله قريبا.
أما تعلمين أن كل ما هو آت قريب ، وأن البعيد ما ليس بآت؟. أما تعلمين أن الموت يأتي بغتة من غير تقديم رسول ، ومن غير مواعدة ومواطأة ، وأنه لا يأتي في شيء دون شيء ، ولا في شتاء دون صيف ،
__________________
(١) يعني : عما قريب ، لان العمر مهما طال قصير.