الشهيد ، وانحنى عليه في اكبار واعجاب ، فوجد بجسمه وجسم جواده أكثر من ستين طعنة ، رضوان الله عليه.
*
والمؤسف في دنيا الناس أننا نجد الكثيرين منهم يلومون غيرهم ، ويقسون في الحكم على سواهم ويحصون على من عداهم كل صغيرة وكبيرة ، ولا يفعلون مثل هذا ولا شيئا منه مع أنفسهم ، ولقد ينزلون أشد العقاب على من يخطئون ، ممن يشرفون عليهم ، أو يتصرفون في أمورهم ، ثم هم لا يفكرون في أن يردعوا أنفسهم بعقاب أو عتاب.
فليت الواحد منهم يستمع الى تعريض الغزالي بمثله حين يقول له : «والعجب أنك تعاقب عبدك وأمتك وأهلك وولدك ، على ما يصدر منهم من سوء خلق ، وتقصير في أمر ، وتخاف أنك لو تجاوزت عنهم لخرج أمرهم عن الاختيار ، وبغوا عليك ، ثم تهمل نفسك ، وهي أعظم عدو لك ، وأشد طغيانا عليك ، وضررك من طغيانها أعظم من ضررك من طغيان أهلك ، فان غايتهم أن يشوشوا عليك معيشة الدنيا ، ولو عقلت لعلمت أن العيش عيش الآخرة ، وأن فيه النعيم المقيم الذي لا آخر له ، ونفسك هي التي تنغص عليك عيش الآخرة ، فهي بالمعاقبة أولى من غيرها».
نسأل الله جل جلاله أن يهبنا نعمة الانتصار على أهواء نفوسنا ، حتى نفوز برضى خالقنا ، وسعادتنا في الدنيا والآخرة.