على ما لا يجوز فعله ، فاحذروا حسابه وعقابه ، ولا تعزموا على ارتكاب ما لا يليق فتقدموا في الخطأ ، واعلموا ان الله غفور لمن عزم ثم أحجم فلم يفعل خشية وخوفا من الله تعالى ، وهو سبحانه حليم لا يعاجل بالعقوبة.
وعاد القرآن الكريم الى الحديث عن الحذر والدعوة اليه ، فقال في سورة آل عمران : (لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً ، وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ ، وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ) (١). أي لا تتعرضوا لسخط الله بمخالفة أحكامه ، أو موالاة اعدائه ، وهذا تهديد ـ كما يقول المفسر البيضاوي ـ مشعر بتناهي المنهي عنه في القبح ، وقد ذكر «النفس» للاشعار بأن المحذر منه عقاب يصدر منه تعالى ، فلا يؤبه دونه بما يحذر من الكفرة. ويقول «تفسير المنار» في ايضاح ذلك : «ويحذركم الله نفسه ، فانه من ورائكم محيط ، وسنته ـ في تأثير الاعمال في النفوس ، وجعل آثار أعمالها مصدرا لجزائها ـ حاكمة عليكم ، أفلا يجب عليكم ـ والامر كذلك ـ أن تحذروه بما أوتيتم من القدرة على الخير ، والميل اليه ، بترجيحه على ما يعرض على الفطرة من تزيين عمل السوء ، والتوبة اليه سبحانه مما غلبتم عليه في الماضي»؟!.
واذا كان القرآن المجيد في الآية الماضية قد أورد ذكر الحذر بمناسبة النهي عن موالاة المؤمنين للكافرين ، فانه قد عاد بعد ذلك بقليل يدعو الى الحذر من ارتكاب السيئات ، ويخوف من عقاب الله تعالى ، فيقول في سورة آل عمران ايضا : (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ
__________________
(١) سورة آل عمران ، الآية ٢٨.