اللهُ نَفْسَهُ وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ) (١). وانما ذكرت الآية رأفة الله بعباده للاشارة الى أنه تعالى انما نهاهم وحذرهم رأفة بهم ، ومراعاة لصلاحهم ، أو انه لذو مغفرة وذو عقاب ، فترجى رحمته ويخشى عذابه ، واذا كان الانسان بطبيعته يرجو الخير والرحمة ، ويطمع في الفضل والثواب ، فان واجبه الديني يقتضيه ألا يغره الرجاء ، أو يخدعه الطمع عن التحلي بالحذر والخوف من عقاب الله ، لان القرآن يقول في سورة الاسراء : (ان عذاب ربك كان محذورا) (٢). أي حقيقا بأن يحذره كل أحد حتى الرسل والملائكة كما قال أهل التفسير.
ويؤكد القرآن الحكيم الامر بالحذر والدعوة اليه ، فيقول في سورة المائدة : (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا ، فان توليتم فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين) (٣) ونفهم من هذا النص الكريم ان الحذر يقتضي الطاعة. وأن الطاعة تعود صاحبها الحذر والبعد عن المخالفة ، فيحذر المطيع ان يصيب شيئا مما نهى عنه الله أو نهى عنه الرسول ، لان طاعة الرسول من طاعة الله : (من يطع الرسول فقد أطاع الله) (٤) كما نفهم ايضا أن انعدام روح الحذر في نفس الانسان يؤدي به الى الاعراض عن سبيل الله ، والتولي بعيدا عن صراطه المستقيم ، ويا سوء من استخف بأمر ربه ، وأعرض عن طاعته ، فان له عذاب الجحيم وبئس المصير.
ويقول التنزيل المجيد في سورة النور : (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) (٥) أي يخالفون أمره
__________________
(١) سورة آل عمران ، الآية ٣٠.
(٢) سورة الاسراء ، الآية ٥٧.
(٣) سورة المائدة ، الآية ٩٢.
(٤) سورة النساء ، الآية ٨٠.
(٥) سورة النور ، الآية ٦٣.