الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ ، وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ ، وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (١)»
ومعنى قوله : (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ) هو أن يكفوا من عيونهم ، وينقصوا من نظرهم ، ويصرفوه عما يحرم عليهم النظر اليه ، ويقتصروا على نظر ما يحل لهم أن ينظروه ، وحمل النفس على هذا الأدب يحتاج الى ايمان وعزيمة ، والى أرادة صلبة قوية ، لأنهم اذا لم يحفظوا نظرهم ويصرفوا أبصارهم في مثل هذا المقام فان ذلك سيؤول بهم الى شر العواقب ، ولذلك كان الأليق بهم والأطهر لهم أن يكفوا وينصرفوا عما يحرم عليهم أن يتطلعوا اليه.
والمرأة الأصلية الشريفة العفيفة يعد من يتوقح في نظره اليها وهو أجنبي عنها مثلا لسوء الاخلاق او وضاعة الاعراق ، ولذلك يروي التاريخ أن امرأة عربية مرت على جماعة من بني نمير ، فأحدوا بصرهم اليها ، ولم يغضوا بعيونهم عنها فقالت لهم : يا بني نمير ، والله ما أخذتم بواحدة من اثنتين : لا بقول الله تعالى : (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ) ولا بقول الشاعر :
فغض الطرف انك من نمير |
|
فلا كعبا بلغت ولا كلابا! |
وفيما يتعلق بغض النساء ابصارهن عن التطلع الى الرجال بلا ضرورة تقول السيدة أم سلمة رضي الله عنها : «حماديات النساء غض الاطراف» أي كف الابصار عن التحديق في الرجال الاجانب عنهن ، ويقال ان صحة العبارة التالية هي «حماديات النساء غض الاطراف» أي ان يغضضن من أبصارهن مطرقات راميات بأبصارهن الى الارض. ومعنى قولها «حماديات النساء» أي غاية ما يحمد منهن.
__________________
(١) وليضربن : وليسدلن. بخمرهن : أغطية رؤوسهن. جيوبهن : فتحات صدورهن. لبعولتهن : لازواجهن. الاربة : الحاجة الى النساء لم يظهروا : لم يطلعوا.