وحث القرآن الكريم على غض البصر بين الرجال والنساء يرتبط في الاصل بما هناك من عورات بين هؤلاء وهؤلاء ينبغي ان تصان وتحفظ ، وعورة الرجل مع الرجل هي ما بين السرة الى الركبة ، والسرة والركبة نفسهما ليستا عورة ، ويرى أبو حنيفة أن الركبة عورة ، ويرى مالك أن الفخذ ليست عورة. وعورة المرأة مع المرأة كعورة الرجل مع الرجل ، فلها النظر الى جسمها الا ما بين الركبة والسرة.
وأما عورة المرأة مع الرجل ، فاما أن تكون المرأة اجنبية ، أو تكون ذات رحم محرم ، فان كانت أجنبية فجميع بدنها عورة بالنسبة الى الرجل الاجنبي عنها ، فلا يجوز ان ينظر الى شيء منها الا الوجه والكفين ، كما لا يجوز أن يتعمد النظر الى وجه الأجنبية لغير غرض ، واذا نظر فلا يكرر نظره ، واذا كان الرجل محرما للمرأة فعورتها بالنسبة اليه ما بين السرة والركبة ، واذا كان الرجل زوجا جاز له ان ينظر الى كل بدن زوجته ، وان كان ينبغي له أن لا ينظر الى فرجها.
وقد قالت الآية : (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ) فأفاد حرف «من» معنى التبعيض الذي أشار اليه بعض المفسرين بقوله : «لا يستطيع أحد أن يغض بصره كله ، انما قال الله (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ).
*
وفي غض الصوت يقول الله تبارك وتعالى في سورة لقمان من وصية لقمان لابنه : (وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ ، وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ ، إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ). أي كن وسطا في مشيك ، وتواضع فيه ، ولا تستكبر ولا تستعجل ، واخفض من صوتك ، واجعله معتدلا قاصدا ، فان أقبح الأصوات ، هو ما كان مرتفعا عاليا بلا موجب ، فيكون شبيها بصوت الحمير.