إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ (٥٠) وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (٥١))
(قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللهِ بَغْتَةً) ، فجأة ، (أَوْ جَهْرَةً) ، معاينة ترونه عند نزوله ، قال ابن عباس والحسن : ليلا ونهارا ، (هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ) ، المشركون.
قوله عزوجل : (وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ) [العمل](١)(فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) ، حين يخاف أهل النار ، (وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) ، إذا حزنوا.
(وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا يَمَسُّهُمُ) ، يصيبهم ، (الْعَذابُ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ) ، يكفرون.
(قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللهِ) ، نزل حين اقترحوا الآيات فأمره أن يقول لهم : (لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللهِ) ، أي : خزائن رزقه فأعطيكم ما تريدون ، (وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ) ، فأخبركم بما غاب مما مضى ومما سيكون ، (وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ) ، قال ذلك لأن الملك يقدر على ما لا يقدر عليه الآدمي ويشاهد ما لا يشاهده الآدمي ، يريد : لا أقول لكم شيئا من ذلك فتنكرون قولي وتجحدون أمري ، (إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَ) ، أي : ما آتيكم به فمن وحي الله تعالى ، وذلك غير مستحيل في العقل مع قيام الدليل والحجج البالغة ، (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ)؟ قال قتادة : الكافر والمؤمن ، وقال مجاهد : الضال والمهتدي ، وقيل : الجاهل والعالم ، (أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ) ، أنهم لا يستويان.
قوله عزوجل : (وَأَنْذِرْ بِهِ) ، خوّف به ، أي : بالقرآن ، (الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا) ، يجمعوا ويبعثوا ، (إِلى رَبِّهِمْ) ، وقيل : يخافون أي يعلمون ، لأن خوفهم إنّما كان من علمهم ، (لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ) ، من دون الله ، (وَلِيٌ) قريب ينفعهم ، (وَلا شَفِيعٌ) ، يشفع لهم ، (لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) ، فينتهون عمّا نهوا عنه ، وإنّما نفى الشفاعة لغيره مع أن الأنبياء [و](٢) الأولياء يشفعون ، لأنهم لا يشفعون إلّا بإذنه.
(وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ما عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَما مِنْ حِسابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ (٥٢))
(وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِ) ، قرأ ابن عامر «بالغدوة» بضم الغين وسكون الدال وواو بعدها هاهنا وفي سورة الكهف ، وقرأ الآخرون بفتح الغين والدال وألف بعدها.
[٨٧١] قال سلمان وخباب بن الأرت : فينا نزلت هذه الآية ، جاء الأقرع بن حابس التميمي وعيينة بن
__________________
[٨٧١] ـ هو منتزع من حديثين الأول : أخرجه البيهقي في «الشعب» ١٤٩٤ من حديث سلمان ، وإسناده ضعيف ، وذكر سلمان فيه منكر ، ليس بشيء.
والثاني : أخرجه ابن ماجه ٤١٢٧ والطبري ١٣٢٦١ والواحدي في «الوسيط» (٢ / ٢٤٧) وفي «الأسباب» ٤٣٢ وإسناده ضعيف أبو سعد قارئ الأزد ، وعبد الله بن عامر أبو الكنود كلاهما مجهول.
وللمتن علة أخرى ، وهي كون الخبر مدني ، والسورة مكية ، ولذا استغربه الحافظ ابن كثير في «تفسيره» (٢ / ١٧٣) وقال : فالآية مكية ، والخبر مدني ا ه.
قلت : لأن إسلام سلمان إنما كان في المدينة ، وأصح من ذلك كله ما أخرجه مسلم ٢٤١٣ والنسائي في «التفسير» ١٨٣
__________________
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) زيادة عن المخطوط.