أَنْجانا)، أي : يقولون لئن أنجيتنا ، وقرأ أهل الكوفة : «لئن أنجانا الله» ، (مِنْ هذِهِ) ، يعني : من هذه الظلمات ، (لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ) ، والشكر : هو معرفة النعمة مع القيام بحقّها.
(قُلِ اللهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْها وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ (٦٤) قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ (٦٥))
(قُلِ اللهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْها) ، قرأ أهل الكوفة وأبو جعفر (يُنَجِّيكُمْ) بالتشديد ، مثل قوله تعالى : (قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ) [الأنعام : ٦٣] ، وقرأ الآخرون هذا بالتخفيف ، (وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ) ، والكرب غاية الغمّ الذي يأخذ بالنفس ، (ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ) ، يريد أنهم يقرّون أنّ الذين يدعونه عند الشدّة هو الذي ينجيهم ثم يشركون معه الأصنام التي قد علموا أنها لا تضرّ ولا تنفع.
قوله عزوجل : (قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ) ، قال الحسن وقتادة : نزلت الآية في أهل الإيمان ، وقال قوم : نزلت في المشركين ، قوله : (عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ) ، يعني : الصيحة والحجارة والريح والطوفان ، كما فعل بعاد وثمود [وقوم شعيب](١) وقوم لوط وقوم نوح ، (أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ) ، يعني : الرجفة والخسف كما فعل بقوم شعيب وقارون ، وعن ابن عباس ومجاهد : (عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ) ، السلاطين الظلمة ، ومن تحت أرجلكم العبيد السوء ، وقال الضحاك : من فوقكم من قبل كباركم أو من تحت أرجلكم أي من أسفل منكم ، (أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً) ، أي : يخلطكم فرقا ويبثّ فيكم الأهواء المختلفة ، (وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ) ، يعني : السيوف المختلفة ، يقتل بعضكم بعضا.
[٨٧٤] أخبرنا عبد الواحد [بن أحمد المليحي] أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف أنا محمد بن إسماعيل أنا أبو النعمان (١) أنا حماد بن زيد عن عمرو بن دينار عن جابر قال :
لمّا نزلت هذه الآية (قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ) ، قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أعوذ بوجهك الكريم» ، قال : (أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ) ، قال : «أعوذ بوجهك» ، قال : (أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ) ، قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «هذا أهون أو هذا أيسر».
[٨٧٥] أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي أنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري أنا أبو جعفر محمد بن
__________________
[٨٧٤] ـ إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم ، أبو النعمان هو محمد بن الفضل لقبه عارم.
وهو في «شرح السنة» ٢٩١١ بهذا الإسناد ، وهو في «صحيح البخاري» ٤٦٢٨ عن أبي النعمان به.
وأخرجه البخاري ٧٤٠٦ والنسائي في «التفسير» ١٨٤ وفي «الكبرى» ٧٧٣١ و ١١١٦٤ وأبو يعلى ١٩٨٢ و ١٩٨٣ والدارمي في «الرد على بشر المريسي» ص ١٦٠ والبيهقي في «الأسماء والصفات» ٦٤٧ من طرق عن حماد بن زيد به.
وأخرجه البخاري ٧٣١٣ والترمذي ٣٠٦٥ وأحمد (٣ / ٣٠٩) والحميدي ١٢٥٩ وأبو يعلى ١٩٦٧ و ١٨٢٩ وابن خزيمة في «التوحيد» ص ١١ وابن حبان ٧٢٢٠ والطبري ١٣٣٦٨ والبيهقي في «الأسماء والصفات» ٦٤٦ وفي «الاعتقاد» ص ٨٩ من طرق عن سفيان عن عمرو بن دينار به.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» ١١١٦٥ والطبري ١٣٣٧٥ من طريق عبد الرزاق عن معمر عن عمرو بن دينار به.
(١) وقع في الأصل «أبو اليمان» والتصويب من «شرح السنة».
[٨٧٥] ـ إسناده صحيح رجاله ثقات.
__________________
(١) سقط من المطبوع.