علمه شيء ، (وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ).
(وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْناماً آلِهَةً إِنِّي أَراكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٧٤) وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (٧٥) فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ (٧٦))
قوله عزوجل : (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ) ، قرأ يعقوب (آزَرَ) بالرفع ، يعني : «آزر» ، والقراءة المعروفة بالنصب ، وهو اسم أعجمي لا ينصرف فينصب في موضع الخفض ، قال محمد بن إسحاق والضحاك والكلبي : آزر اسم أبي إبراهيم وهو تارخ أيضا مثل إسرائيل ويعقوب وكان من كوثى قرية من سواد الكوفة ، وقال مقاتل بن حيان وغيره : آزر لقب لأبي إبراهيم ، واسمه تارخ ، وقال سليمان التيمي : هو سبّ وعيب ، ومعناه في كلامهم : المعوج ، وقيل : معناه الشيخ الهرم بالفارسية ، وقال سعيد بن المسيّب ومجاهد : آزر اسم صنم ، فعلى هذا يكون في محل النصب تقديره أتتخذ آزر إلها ، قوله : (أَصْناماً آلِهَةً) ، دون الله ، (إِنِّي أَراكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) ، أي : في خطأ بيّن.
(وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ) ، أي : كما أريناه البصيرة في دينه ، والحق في خلاف قومه كذلك نريه ، (مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ، والملكوت الملك زيدت فيه التاء للمبالغة كالجبروت والرحموت والرهبوت ، قال ابن عباس : يعني خلق السموات والأرض ، وقال مجاهد وسعيد بن جبير : يعني آيات السموات والأرض ، وذلك أنه أقيم على صخرة (١) وكشف له عن ملكوت السموات والأرض حتى العرش وأسفل الأرضين ونظر إلى مكانه في الجنّة ، فذلك قوله تعالى : (وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا) [العنكبوت : ٢٧] ، يعني : أريناه مكانه في الجنّة.
[٨٧٩] وروي عن سلمان رضي الله عنه ، ورفعه بعضهم عن عليّ رضي الله عنه : لمّا أري إبراهيم ملكوت السموات والأرض أبصر رجلا على فاحشة فدعا عليه فهلك ، ثم أبصر آخر فدعا عليه فهلك ، ثم أبصر آخر فأراد أن يدعو عليه فقال له الرب عزوجل : «يا إبراهيم إنك رجل مستجاب الدعوة ، فلا تدعونّ على عبادي فإنما أنا من عبدي على ثلاث خصال : إمّا أن يتوب إليّ فأتوب عليه ، وإمّا أن أخرج منه نسمة
__________________
[٨٧٩] ـ لا أصل له في المرفوع.
ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٤٥) ونسبه لابن مردويه عن علي بن أبي طالب مرفوعا ، وقد أشار الحافظ ابن كثير إلى هذه الرواية.
بعد أن ذكر مرسل مجاهد بنحو حديث علي. وقال : وقد روى ابن مردويه في ذلك حديثين مرفوعين ، عن معاذ وعلي بن أبي طالب ، ولكن لا يصح إسنادهما ، والله أعلم ا ه. والصحيح أن المرفوع باطل لا أصل له ، وإنما ورد عن سلمان قوله ، وقد كان قرأ في كتاب الأقدمين ، أخرجه الطبري ١٣٤٥٦ وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر ، وأبو الشيخ عن سلمان الفارسي كما في «الدر» (٢ / ٤٥).
وسلمان كان قد قرأ في كتب الأقدمين.
وأخرجه الطبري ١٣٤٥٧ عن عطاء قوله.
وكرره ١٣٤٥٨ عن أسامة قوله ، والظاهر أنه أسامة بن زيد.
الخلاصة : لا أصل لهذا الحديث في المرفوع ، وإنما هو متلقى عن كتب الأقدمين.
__________________
(١) في المطبوع «صخر».