مثل قول اليهود عزيز ابن الله ، وقول النصارى المسيح ابن الله ، وقول كفار مكة الملائكة بنات الله ، ثم نزّه نفسه فقال : (سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يَصِفُونَ).
(بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ، أي : مبدعهما لا على مثال سبق ، (أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ) ، أي : كيف يكون له ولد؟ (وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صاحِبَةٌ) ، زوجة ، (وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ).
(ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ) ، فأطيعوه ، (وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) ، بالحفظ له والتدبير [فيه](١) ، (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ) [الأنعام : ١٠٣] ، يتمسك أهل الاعتزال بظاهر هذه الآية في نفي رؤية الله عزوجل ، ومذهب أهل السنة إثبات رؤية الله عزوجل عيانا ، [كما جاء به القرآن والسنّة](٢) ، قال الله تعالى : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ (٢٢) إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ (٢٣)) [القيامة : ٢٢ ـ ٢٣] ، وقال : (كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ) [المطففين : ١٥] ، قال مالك رضي الله عنه : لو لم ير المؤمنون ربّهم يوم القيامة لم يعيّر الله الكفار بالحجاب ، وقرأ النبيّ صلىاللهعليهوسلم : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ) [يونس : ٢٦] ، وفسّره بالنظر إلى وجه الله عزوجل.
[٨٨٥] أخبرنا عبد الواحد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف ثنا محمد بن إسماعيل ثنا يوسف بن موسى ثنا عاصم بن يوسف اليربوعي أنا أبو شهاب عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن [أبي](١) حازم عن جرير بن عبد الله قال : قال النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «إنّكم سترون ربكم عيانا».
(قَدْ جاءَكُمْ بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْها وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (١٠٤) وَكَذلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (١٠٥))
وأمّا قوله : (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ) ، فاعلم أن الإدراك [غير الرؤية](٣) ، لأن الإدراك هو الوقوف على كنه الشيء والإحاطة به والرؤية المعاينة ، وقد تكون الرؤية بلا إدراك ، قال الله تعالى في قصة موسى عليهالسلام : (فَلَمَّا تَراءَا الْجَمْعانِ قالَ أَصْحابُ مُوسى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (٦١)) [الشعراء : ٦١] ، قال : لا وقال : (لا تَخافُ دَرَكاً وَلا تَخْشى) [طه : ٧٧] ، فنفى الإدراك مع إثبات الرؤية ، فالله عزوجل يجوز أن يرى من غير
__________________
(١) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[٨٨٥] ـ إسناده صحيح على شرط البخاري.
أبو شهاب هو موسى بن نافع.
وهو في «صحيح البخاري» ٧٤٣٥ عن يوسف بن موسى بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري ٥٥٤ و ٤٨٥١ و ٧٤٣٤ و ٧٤٣٥ ومسلم ٦٣٣ وأبو داود ٤٧٢٩ والترمذي ٢٥٥١ والنسائي في «الكبرى» ٧٧٦١ و ١١٣٣٠ وابن ماجه ١٧٧ وابن أبي عاصم في «السنة» ٤٤٦ ، ٤٤٩ و ٤٦١ والحميدي ٧٩٩ وأحمد (٤ / ٣٦٠ ، و ٣٦٥ ، ٣٦٦) وابن خزيمة في «التوحيد» ص ١٦٧ ، ١٦٨ وابن حبان ٧٤٤٢ و ٧٤٤٣ والآجري في «التصديق بالنظر» ٢٣ و ٢٤ و ٢٥ والطبراني ٢٢٢٤ ، ٢٢٣٧ وابن مندة في «الإيمان» ٧٩١ و ٧٩٣ و ٧٩٥ و ٨٠٠ والبيهقي في «الاعتقاد» ص ١٢٨ و ١٢٩ والبغوي في «شرح السنة» ٣٧٨ و ٣٧٩ من طرق عن إسماعيل به مطوّلا وأكثرهم رواه دون قوله «عيانا».
__________________
(١) سقط من المطبوع.
(٢) سقط من المطبوع.
(٣) في المطبوع «هو الوقوف».