(وَلَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكُوا) ، أي : ولو شاء لجعلهم مؤمنين ، (وَما جَعَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً) ، رقيبا ، قال عطاء : وما جعلناك عليهم حفيظا تمنعهم منّي ، أي : لم تبعث لتحفظ المشركين من العذاب إنّما بعثت مبلغا. (وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ).
(وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) الآية ، قال ابن عباس : لما نزلت : (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ) [الأنبياء : ٩٨] ، قال المشركون : يا محمد لتنتهين عن سبّ آلهتنا أو لنهجون ربك ، فنهاهم الله تعالى أن يسبوا أوثانهم ، وقال قتادة : كان المسلمون يسبّون أصنام الكفار ، فنهاهم الله عزوجل عن ذلك ، لئلا يسبّوا الله فإنهم قوم جهلة.
[٨٨٦] وقال السدي : لمّا حضرت أبا طالب الوفاة قالت قريش : انطلقوا فلندخل على هذا الرجل فلنأمرنّه أن ينهى عنّا ابن أخيه فإنا نستحي أن نقتله بعد موته ، فتقول العرب : كان يمنعه عمه فلما مات قتلوه فانطلق أبو سفيان وأبو جهل والنضر بن الحارث وأميّة وأبيّ ابنا خلف وعقبة (١) بن أبي معيط وعمرو بن العاص ، والأسود بن أبي البختري إلى أبي طالب ، فقالوا : يا أبا طالب أنت كبيرنا وسيدنا وإن محمدا قد آذانا وآلهتنا ، فنحب أن تدعوه فتنهاه عن ذلك ، وعن ذكر آلهتنا ، ولندعنه وإلهه ، فدعاه فقال : يا محمد هؤلاء قومك يقولون نريد أن تدعنا وآلهتنا وندعك وإلهك ، وقد أنصفك قومك فاقبل منهم ، فقال النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «أرأيتم إن أعطيتكم هذا هل أنتم معطي كلمة إن تكلمتم بها ملكتم العرب ودانت لكم بها العجم»؟ فقال أبو جهل : نعم وأبيك لنعطينكها وعشرة أمثالها ، قال : فما هي؟ قال : «قولوا لا إله إلّا الله» ، فأبوا وتفرّقوا ، فقال أبو طالب : قل غيرها يا ابن أخي ، فقال : «يا عمّ ما أنا الذي أقول غيرها ولو أتوني بالشمس فوضعوها في يدي» ، فقالوا له : لتكفنّ عن سبّك آلهتنا أو لنشتمنّك ونشتمنّ من يأمرك ، فأنزل الله عزوجل : (وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ). يعني : الأوثان ، (فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْواً) ، أي : اعتداء وظلما ، (بِغَيْرِ عِلْمٍ) ، وقرأ يعقوب «عدوّا» بضم العين والدال وتشديد الواو ، فلمّا نزلت هذه الآية قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لأصحابه : «لا تسبّوا ربّكم» ، فأمسك المسلمون عن سبّ آلهتهم (١). وظاهر الآية وإن كان نهيا عن سبّ الأصنام فحقيقته النهي عن سبّ الله تعالى ، لأنه سبب لذلك ، و (كَذلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ) ، أي : كما زيّنا لهؤلاء المشركين عبادة الأصنام وطاعة الشيطان بالحرمان والخذلان ، كذلك زيّنا لكل أمّة عملهم من الخير والشر والطاعة والمعصية ، (ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ) ، ويجازيهم ، (بِما كانُوا يَعْمَلُونَ).
(وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِها قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللهِ وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ (١٠٩))
قوله عزوجل : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ) الآية.
__________________
[٨٨٦] ـ أخرجه الطبري ١٣٧٤٤ عن السدي مرسلا فهو ضعيف. وذكره الواحدي في «أسبابه» ٤٤٦ عن السدي بدون إسناد.
وهذا الخبر في كتب السيرة ، وليس فيه ذكر نزول الآية. ويأتي في أول سورة «ص».
(١) هو تبع لما قبله ، وهذه اللفظة منكرة جدا.
__________________
(١) تصحف في المخطوط «عيينة».