[٨٨٧] قال محمد بن كعب القرظي والكلبي : قالت قريش : يا محمد إنك تخبرنا أن موسى عليهالسلام كان معه عصا يضرب بها الحجر فتنفجر منه اثنتا عشرة عينا ، وتخبرنا أن عيسى عليهالسلام كان يحيي الموتى فأتنا من الآيات حتى نصدقك ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أيّ شيء تحبون»؟ قالوا : تجعل لنا الصفا ذهبا وابعث لنا بعض موتانا حتى نسأله عنك أحقّ ما تقول أم باطل ، وأرنا الملائكة يشهدون لك ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «فإن فعلت بعض ما تقولون أتصدقونني»؟ قالوا : نعم ، والله لئن فعلت لنتبعنك أجمعون (١) ، وسأل المسلمون رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن ينزلها عليهم حتى يؤمنوا ، فقام رسول الله صلىاللهعليهوسلم يدعو الله أن يجعل الصفا ذهبا فجاءه جبريل عليهالسلام ، فقال له : ما شئت إن شئت أصبح ذهبا ولكن إن لم يصدقوا عذّبتهم ، وإن شئت تركتهم حتى يتوب تائبهم ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «بل يتوب تائبهم» ، فأنزل الله عزوجل : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ).
أي : حلفوا بالله جهد أيمانهم ، أي : بجهد أيمانهم ، يعني : أوكد ما قدروا عليه من الأيمان وأشدّها ، قال الكلبي ومقاتل (٢) : إذا حلف الرجل بالله ، فهو جهد يمينه ، (لَئِنْ جاءَتْهُمْ آيَةٌ) ، كما جاءت من قبلهم من الأمم ، (لَيُؤْمِنُنَّ بِها قُلْ) يا محمد ، (إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللهِ) ، والله قادر على إنزالها ، (وَما يُشْعِرُكُمْ) ، وما يدريكم ، واختلفوا في المخاطبين بقوله : (وَما يُشْعِرُكُمْ) ، فقال بعضهم : الخطاب للمشركين الذين أقسموا ، وقال بعضهم : الخطاب للمؤمنين ، وقوله تعالى : (أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ) ، قرأ ابن كثير وأهل البصرة وأبو بكر عن عاصم (إنها) بكسر الألف على الابتداء ، وقالوا : تمّ الكلام عند قوله : (وَما يُشْعِرُكُمْ) ، ثم من جعل الخطاب للمشركين قال معناه : ما يشعركم أيها المشركون أنها لو جاءت آمنتم؟ ومن جعل الخطاب للمؤمنين قال معناه : وما يشعركم أيها المؤمنون أنها لو جاءت آمنوا؟ لأن المسلمين كانوا يسألون رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يدعو الله حتى يريهم ما اقترحوا حتى يؤمنوا فخاطبهم بقوله : (وَما يُشْعِرُكُمْ) ، ثم ابتدأ فقال جلّ ذكره : (أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ) ، وهذا في قوم مخصوصين حكم الله عليهم بأنهم لا يؤمنون ، وقرأ الآخرون أنها بفتح الألف وجعلوا الخطاب للمؤمنين ، واختلفوا في قوله : (لا يُؤْمِنُونَ) ، فقال الكسائي : (لا) صلة ، ومعنى الآية : وما يشعركم أيها المؤمنون [أن الآيات](٣) إذا جاءت المشركين يؤمنون؟ كقوله : (وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ (٩٥)) [الأنبياء : ٩٥] ، أي : يرجعون وقيل : إنها بمعنى لعلّ ، وكذلك هو في قراءة أبيّ ، تقول العرب : اذهب إلى السوق أنك تشتري شيئا ، أي : لعلّك ، وقال عدي بن زيد :
«أعاذل ما يدريك أن منيتي |
|
إلى ساعة في اليوم أو في ضحى الغد» |
أي : لعلّ منيتي ، وقيل : فيه حذف ، وتقديره : وما يشعركم أنها إذا جاءت يؤمنون أو لا يؤمنون؟ وقرأ ابن عامر وحمزة : (لا تؤمنون) بالتاء على الخطاب للكفار واعتبروا بقراءة أبيّ : «إذا جاءتكم لا تؤمنون» ، وقرأ الآخرون بالياء على الخبر ، دليلها قراءة ابن مسعود (٤) : أنها إذا جاءتهم لا يؤمنون.
__________________
[٨٨٧] ـ واه. أثر ابن كعب أخرجه الطبري ١٣٧٥٠ والواحدي ٤٤٧ عن محمد بن كعب القرظي مرسلا ، ومع إرساله في إسناده أبو معشر نجيح السندي ، وهو ضعيف فالخبر واه.
وأما أثر الكلبي ، فهو لا شيء لأنه متروك متهم بالكذب.
__________________
(١) في ب ، والطبري ١٣٧٥٠ وط «أجمعين» والمثبت عن المطبوع و ، أ ، و «الدر المنثور» (٣ / ٧٢)
(٢) في المطبوع و ، أ«مجاهد».
(٣) زيادة عن المخطوط.
(٤) في المطبوع وط «الأعمش».