محمد بن إسماعيل ثنا يوسف بن موسى ثنا أبو خالد الأحمر قال : سمعت هشام بن عروة يحدّث عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : إن قوما قالوا : يا رسول الله إن هنا أقواما حديث (١) عهدهم بشرك يأتون بلحمان لا ندري يذكرون اسم الله عليها أم لا؟ قال : «اذكروا أنتم اسم الله وكلوا».
ولو كانت التسمية شرطا للإباحة لكان الشك في وجودها مانعا من أكلها كالشك في أصل الذبح. قوله : (وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ لِيُجادِلُوكُمْ) ، أراد أن الشياطين ليوسوسون إلى أوليائهم من المشركين ليجادلوكم ، وذلك أن المشركين قالوا : يا محمد أخبرنا عن الشاة إذا ماتت من قتلها؟ فقال : الله قتلها ، قالوا : أفتزعم أن ما قتلت أنت وأصحابك حلال ، وما قتله الكلب والصقر (٢) حلال ، وما قتله الله حرام؟ فأنزل الله هذه الآية ، (وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ) ، في أكل الميتة ، (إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ) ، قال الزجاج : وفيه دليل على أن من أحلّ شيئا مما حرّم الله أو حرّم ما أحل الله فهو مشرك.
قوله : (أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ) ، قرأ نافع ميتا و (لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً) [الحجرات : ١٢] و (الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْناها) [يس : ٣٣] ، بالتشديد فيهنّ ، وقرأ الآخرون بالتخفيف (فَأَحْيَيْناهُ) ، أي : كان ضالّا فهديناه ، كان ميتا بالكفر فأحييناه بالإيمان ، (وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً) ، يستضيء به ، (يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ) ، على قصد السبيل ، قيل : النور هو الإسلام ؛ لقوله تعالى : (يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) [البقرة : ٢٥٧] ، وقال قتادة : هو كتاب الله بيّنة من الله مع المؤمنين ، بها يعمل وبها يأخذ وإليها ينتهي ، (كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ) ، المثل صلة ، أي : كمن هو في الظلمات ، (لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها) ، يعني : من ظلمة الكفر ، قيل : نزلت هذه الآية في رجلين بأعيانهما ، ثم اختلفوا فيهما.
[٨٩٠] قال ابن عباس : (وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً) ، يريد حمزة بن عبد المطلب ، (كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ) ، يريد أبا جهل بن هشام ، وذلك أنّ أبا جهل رمى رسول الله صلىاللهعليهوسلم بفرث ، فأخبر حمزة بما فعل أبو جهل وهو راجع من قنصه وبيده قوس ، وحمزة لم يؤمن بعد ، فأقبل غضبان حتى (رمى) أبا جهل بالقوس وهو يتضرّع إليه ، ويقول : يا أبا عمارة (٣) أما ترى ما جاء به؟ سفّه عقولنا وسبّ آلهتنا وخالف آباءنا ، فقال حمزة : ومن أسفه منكم؟ تعبدون الحجارة من دون الله أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، فأنزل الله هذه الآية.
وقال الضحاك : نزلت في عمر بن الخطاب وأبي جهل. وقال عكرمة والكلبي : نزلت في عمار بن ياسر وأبي جهل. (كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْكافِرِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) ، من الكفر والمعصية. قال ابن عباس : يريد زيّن لهم الشيطان عبادة الأصنام.
(وَكَذلِكَ جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكابِرَ مُجْرِمِيها لِيَمْكُرُوا فِيها وَما يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنْفُسِهِمْ وَما يَشْعُرُونَ (١٢٣) وَإِذا جاءَتْهُمْ آيَةٌ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللهِ اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ
__________________
وأخرجه مالك في «الموطأ» (٢ / ٤٨٨) من طريق هشام بن عروة عن أبيه مرسلا.
[٨٩٠] ـ باطل. ذكره الواحدي في «أسباب النزول» ٤٥٠ عن ابن عباس بهذا السياق ، بدون إسناد. فهو باطل ، لا أصل له ، وهو من بدع التأويل.
(١) في المطبوع «حديثا».
(٢) زيد في المطبوع وحده «والفهد».
(٣) في المطبوع والمخطوط «يعلى» وهو خطأ ، تبع المصنف رحمهالله بذلك الواحدي في «أسباب النزول» والمثبت هو الصواب.