أَجْرَمُوا صَغارٌ عِنْدَ اللهِ وَعَذابٌ شَدِيدٌ بِما كانُوا يَمْكُرُونَ (١٢٤))
قوله عزوجل : (وَكَذلِكَ جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكابِرَ مُجْرِمِيها) ، أي : كما أن فسّاق مكة أكابرها ، كذلك جعلنا فسّاق كل قرية أكابرها ، أي : عظماءها ، جمع أكبر ، مثل أفضل وأفاضل ، وأسود وأساود ، وذلك سنّة الله تعالى أنه جعل في كل قرية أتباع الرسل ضعفاءهم ، كما قال في قصة نوح عليهالسلام : (أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ) [الشعراء : ١١١] ، وجعل فسّاقهم أكابرهم ، (لِيَمْكُرُوا فِيها) ، وذلك أنهم أجلسوا على كل طريق من طرق مكة أربعة نفر ليصرفوا الناس عن الإيمان بمحمد صلىاللهعليهوسلم ، يقولون لكل من يقدم : إيّاك وهذا الرجل فإنه كاهن ساحر كذاب. (وَما يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ) ، لأنّ وبال مكرهم يعود عليه. (وَما يَشْعُرُونَ) ، أنه كذلك.
قوله تعالى : (وَإِذا جاءَتْهُمْ آيَةٌ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللهِ) ، يعني : مثل ما أوتي رسل الله من النبوّة ، وذلك أن الوليد بن المغيرة قال : لو كانت النبوّة حقا لكنت أولى بها منك ، لأني أكبر منك سنا وأكثر منك مالا ، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وقال مقاتل : نزلت في أبي جهل ، وذلك أنه قال : زاحمنا بنو عبد مناف في الشرف حتى إذا (١) صرنا كفرسي رهان ، قالوا : منا نبيّ يوحى إليه ، والله لا نؤمن به ولا نتّبعه أبدا إلّا أن يأتينا وحي كما يأتيه ، فأنزل الله عزوجل : (وَإِذا جاءَتْهُمْ آيَةٌ) ، حجّة على صدق محمد صلىاللهعليهوسلم قالوا : يعني أبا جهل ، (لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللهِ) ، يعني : محمدا صلىاللهعليهوسلم. ثم قال الله تعالى : (اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ) ، قرأ ابن كثير وحفص (رِسالَتَهُ) على التوحيد ، وقرأ الآخرون (رسالاته) بالجمع ، يعني : الله أعلم بمن هو أحق بالرسالة. (سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغارٌ) ، ذلّ وهوان ، (عِنْدَ اللهِ) ، أي : من عند الله ، (وَعَذابٌ شَدِيدٌ بِما كانُوا يَمْكُرُونَ) ، قيل : صغار في الدنيا وعذاب شديد في الآخرة.
(فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ كَذلِكَ يَجْعَلُ اللهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ (١٢٥))
قوله عزوجل : (فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ) ، أي : يفتح قلبه وينوره حتى يقبل الإسلام.
[٨٩١] ولما نزلت هذه الآية سئل رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن شرح الصدر ، قال : «نور يقذفه الله في قلب
__________________
[٨٩١] ـ متن باطل بأسانيد واهية.
أخرجه عبد الرزاق في «تفسيره» ٨٥٢ والطبري ١٣٨٥٦ و ١٣٨٥٧ والبيهقي في «الأسماء والصفات» ٢٥٧١ عن أبي جعفر المدائني مرسلا.
ومع إرساله أبو جعفر المدائني ذكره الذهبي في «الميزان» ٤٦٠٨ وقال : قال أحمد وغيره : أحاديثه موضوعة.
وورد من حديث ابن مسعود عند الحاكم (٤ / ٣١١) والبيهقي في «الشعب» ١٠٥٥٢ وإسناده ضعيف لضعف عدي بن الفضل ، وقد سكت عليه الحاكم ، وقال الذهبي : ابن الفضل ، ساقط ا ه.
وفيه المسعودي اختلط بأخرة.
وأخرجه الطبري ١٣٨٥٩ عن أبي عبيدة عن ابن مسعود ، وإسناده منقطع ، وفيه سعيد بن عبد الملك الحراني ، وهو متروك ،
__________________
(١) في المطبوع وط «إنا».