المؤمن فينشرح له وينفسح» ، قيل : فهل لذلك أمارة؟ قال : «نعم ، الإنابة إلى دار الخلود والتجافي عن دار الغرور والاستعداد للموت قبل نزول الموت».
قوله تعالى : (وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً) ، قرأ ابن كثير «ضيقا» بالتخفيف (١) هاهنا وفي الفرقان ، والباقون بالتشديد ، وهما لغتان مثل : هين وهيّن ولين وليّن ، (حَرَجاً) ، قرأ أهل المدينة وأبو بكر بكسر الراء والباقون بفتحها ، وهما لغتان أيضا مثل : الدنف والدنف ، [وقال سيبويه : الحرج بالفتح](٢) ، المصدر كالطلب ، ومعناه ذا حرج ، وبالكسر الاسم وهو أشدّ الضيق ، يعني : يجعل قلبه ضيقا حتى لا يدخله الإيمان. وقال الكلبي : ليس للخير فيه منفذ. قال ابن عباس : إذا سمع ذكر الله اشمأزّ قلبه ، وإذا ذكر شيء من عبادة الأصنام ارتاح إلى ذلك. وقرأ عمر بن الخطاب رضي الله عنه هذه الآية ، فسأل أعرابيا من كنانة : ما الحرجة فيكم؟ قال : الحرجة فينا الشجرة تكون بين الأشجار التي لا تصل إليها راعية ولا وحشية ولا شيء ، فقال عمر رضي الله عنه : كذلك قلب المنافق لا يصل إليه شيء من الخير.
(كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ) ، وقرأ ابن كثير : «يصعد» بالتخفيف وسكون الصاد ، وقرأ أبو بكر عن عاصم «يصّاعد» بالألف ، أي : يتصاعد ، وقرأ الآخرون (يَصَّعَّدُ) بتشديد الصاد والعين ، أي : يتصعد ، يعني : يشق عليه الإيمان كما يشق عليه صعود السماء. وأصل الصعود المشقة ، ومنه قوله تعالى : (سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً (١٧)) [المدثر : ١٧] ، أي : عقبة شاقة. (كَذلِكَ يَجْعَلُ اللهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) ، قال ابن عباس : الرجس هو الشيطان ، أي : يسلّط عليه. وقال الكلبي : هو المأثم (٣) ، وقال مجاهد : الرجس ما لا خير فيه. وقال عطاء : الرجس العذاب مثل الرجز ، وقيل : هو النجس.
[٨٩٢] روي أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان إذا دخل الخلاء قال : «اللهمّ إني أعوذ بك من الرّجس النّجس».
وقال الزجاج : الرجس اللعنة في الدنيا والعذاب في الآخرة.
(وَهذا صِراطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (١٢٦) لَهُمْ دارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٢٧) وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقالَ أَوْلِياؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا
__________________
روى أحاديث كذب.
وكرره الطبري ١٣٨٦١ عن الرحمن. هو المسعودي. عن ابن مسعود ، وهذا معضل بينهما.
فهذه روايات واهية ، ليست بشيء ، والأشبه كونه من كلام أبي جعفر المدائني ، حيث رواه الطبري عنه من طرق.
وانظر «تفسير الشوكاني» ٩٤٠ بتخريجي ، والله أعلم.
[٨٩٢] ـ ضعيف. أخرجه ابن ماجه ٢٩٩ من حديث أبي أمامة ، وقال البوصيري في «الزوائد» : إسناده ضعيف ا ه. قلت : فيه علي بن يزيد الألهاني ، وهو متروك.
وأخرجه ابن السني في «عمل اليوم والليلة» ٢٥ من حديث ابن عمر ، وإسناده ضعيف ، لضعف حبان بن علي العنزي ، وإسماعيل بن رافع.
والصحيح أن النبي صلىاللهعليهوسلم كان يقول إذا دخل الخلاء : «اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث» أخرجه البخاري ١٤٢ ومسلم ٣٧٥ وأبو داود ٤ والترمذي ٦ والنسائي (١ / ٢٠) وابن ماجه ٢٩٨ وأحمد (٣ / ١٠١ و ٢٨٢) من حديث أنس.
__________________
(١) في المطبوع «خفيف».
(٢) سقط من المطبوع.
(٣) في المطبوع «المأتم».