النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ) [الزمر : ١٦] ، (وَكَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ).
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) ، أي : طاقتها وما لا حرج (١) فيه ولا تضيّق عليه ، (أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ).
(وَنَزَعْنا) ، أخرجنا ، (ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍ) ، من غشّ وعداوة كانت بينهم في الدنيا فجعلناهم إخوانا على سرر متقابلين لا يحسد بعضهم بعضا على شيء خصّ الله به بعضهم. (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ) ، روى الحسن عن عليّ رضي الله عنه قال : فينا والله أهل بدر نزلت : (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ (٤٧))(١) [الحجر : ٤٧] ، وقال عليّ رضي الله عنه أيضا : إني لأرجو أن أكون أنا وعثمان وطلحة والزبير من الذين قال لهم الله عزوجل : (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍ)(٢).
[٩٢١] أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أنبأنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنبأنا محمد بن يوسف حدثنا محمد بن إسماعيل حدثنا الصلت بن محمد حدثنا يزيد بن زريع [ونزعنا ما في صدورهم من غل](٢) ، حدثنا سعيد عن قتادة عن أبي المتوكل الناجي عن أبي سعيد الخدري قال :
قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «يخلص المؤمنون من النار فيحبسون على قنطرة بين الجنّة والنار فيقتصّ لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا حتى إذا هذّبوا ونقّوا أذن لهم في دخول الجنّة ، فو الذي نفس محمد بيده لأحدهم أهدى بمنزله في الجنة منه بمنزله كان في الدنيا».
وقال السدي في هذه الآية : إن أهل الجنة إذا سيقوا إلى الجنة وجدوا عند بابها شجرة في أصل ساقها عينان فشربوا من إحداهما فينزع ما في صدورهم من غلّ ، فهو الشراب الطهور واغتسلوا من الأخرى فجرت عليهم نضرة النعيم فلم يشعثوا ولم يسحنوا بعدها أبدا. [(وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا)](٣) ، أي : إلى هذا ، يعني طريق الجنّة. وقال سفيان الثوري : معناه هدانا لعمل هذا ثوابه ، (وَما كُنَّا) ، قرأ ابن عامر : (ما كنا) بلا واو ، (لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللهُ لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِ) ، هذا قول أهل الجنّة حين رأوا ما وعدهم الرسل عيانا ، (وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) ، قيل :
__________________
(١) أخرجه الطبري ١٤٦٦٥ و ١٤٦٦٦ عن علي به ، وفيه إرسال لكن روي من وجوه متعددة عن علي.
(٢) أخرجه الطبري ١٤٦٦٨ عن قتادة عن علي ، وهو منقطع. لكن يشهد لما قبله ، فهو موقوف صحيح.
[٩٢١] ـ إسناده صحيح على شرط البخاري لتفرده عن الصلت.
سعيد هو ابن أبي عروبة ، قتادة بن دعامة ، أبو المتوكل علي بن داود.
وهو في «شرح السنة» ٤٢٦٠ بهذا الإسناد ، وفي «صحيح البخاري» ٦٥٣٥ عن الصلت بن محمد بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد (٣ / ١٣ و ٦٣ و ٧٤) وابن أبي عاصم في «السنة» ٨٥٨ وابن مندة في «الإيمان» ٨٣٧ من طرق عن سعيد بن أبي عروبة به.
وأخرجه البخاري ٢٤٤٠ والحاكم (٢ / ٣٥٤) وابن حبان ٧٤٣٤ وابن أبي عاصم ٨٥٧ وأبو يعلى ١١٨٦ وابن مندة ٨٣٨ من طرق عن معاذ بن هشام عن أبيه عن قتادة به.
وأخرجه أبو نعيم في «صفة الجنة» ٢٨٨ وابن مندة ٨٣٩ من طريق حسين بن محمد المروزي عن شيبان عن قتادة به.
__________________
(١) في المطبوع «تحرج».
(٢) سقط من المطبوع وط ، وزيد من المخطوطتين و «شرح السنة» و «صحيح البخاري».
قال الحافظ في «الفتح» (١١ / ٣٩٨) : أي قرأ يزيد بن زريع هذه الآية وفسرها بالحديث المذكور .....
(٣) زيادة عن المخطوطتين.