وأشباههم ، فيقول أصحاب الأعراف لأولئك الكفار.
(أَهؤُلاءِ) ، يعني : هؤلاء الضعفاء ، (الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ) ، حلفتم ، (لا يَنالُهُمُ اللهُ بِرَحْمَةٍ) ، أي : حلفتم أنهم لا يدخلون الجنّة ، ثم يقال لأهل الأعراف ، (ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ) ، وفي (١) قول آخر : أن أصحاب الأعراف إذا قالوا لأهل النار ما قالوا قال لهم أهل النار إن دخل أولئك الجنّة فأنتم لم تدخلوها فيعيّرونهم بذلك ويقسمون أنهم يدخلون النار ، فتقول الملائكة الذين حبسوا أصحاب الأعراف على الصراط لأهل النار : (أَهؤُلاءِ) ، يعني أصحاب الأعراف (الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ) يا أهل النار أنه (لا يَنالُهُمُ اللهُ بِرَحْمَةٍ) ، ثم قالت الملائكة لأصحاب الأعراف : (ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ) ، فيدخلون الجنّة.
(وَنادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ قالُوا إِنَّ اللهَ حَرَّمَهُما عَلَى الْكافِرِينَ (٥٠) الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا وَما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ (٥١) وَلَقَدْ جِئْناهُمْ بِكِتابٍ فَصَّلْناهُ عَلى عِلْمٍ هُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٥٢) هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ (٥٣))
قوله تعالى : (وَنادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا) ، أي : صبّوا ، (عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ) ، أي : أوسعوا علينا مما رزقكم الله من طعام الجنّة. قال عطاء عن ابن عباس : لما صار أصحاب الأعراف إلى الجنّة طمع أهل النار في الفرج ، وقالوا : يا رب إنّ لنا قرابات من أهل الجنّة ، فأذن لنا حتى نراهم ونكلّمهم ، فينظرون إلى قرابتهم في الجنّة وما هم فيه من النعيم فيعرفونهم ولم يعرفهم أهل الجنّة لسواد وجوههم ، فينادي أصحاب النار أصحاب الجنة بأسمائهم ، وأخبروهم بقراباتهم أن أفيضوا علينا من الماء أو ممّا رزقكم الله ، (قالُوا إِنَّ اللهَ حَرَّمَهُما عَلَى الْكافِرِينَ) ، يعني : الماء والطعام ، (الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً) ، وهو ما زيّن لهم الشيطان من تحريم البحيرة وأخواتها والمكاء والتصدية حول البيت ، وسائر الخصال الذميمة التي كانوا يفعلونها في الجاهلية. وقيل : دينهم أي عيدهم ، (وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ) ، نتركهم في النار ، (كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا) ، أي : كما تركوا العمل للقاء يومهم هذا ، (وَما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ).
(وَلَقَدْ جِئْناهُمْ بِكِتابٍ) ، يعني : القرآن (فَصَّلْناهُ) ، بيّناه ، (عَلى عِلْمٍ) منّا لما يصلحهم ، (هُدىً وَرَحْمَةً) أي جعلنا القرآن هاديا وذا رحمة (لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ).
(هَلْ يَنْظُرُونَ) ، أي : هل ينتظرون ، (إِلَّا تَأْوِيلَهُ) ، قال مجاهد : جزاءه. وقال السدي : عاقبته. ومعناه : هل ينتظرون إلا ما يؤول إليه أمرهم من العذاب ومصيرهم إلى النار. (يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ) ، أي : جزاؤه وما يؤول إليه أمرهم ، (يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِ) ، اعترفوا به حين لا ينفعهم الاعتراف ، (فَهَلْ لَنا) ، اليوم ، (مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا أَوْ نُرَدُّ) ، إلى الدنيا ، (فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا
__________________
(١) في المطبوع «وفيه».