أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم لمّا نزل الحجر في غزوة تبوك أمرهم أن لا يشربوا من بئرها ولا يسقوا منها ، فقالوا : قد عجنا منها واستقينا ، فأمرهم أن يطرحوا ذلك العجين ويهريقوا ذلك الماء.
[٩٣٥] وقال نافع عن ابن عمر : فأمرهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يهريقوا ما استقوا من آبارها وأن يعلفوا الإبل العجين ، وأمرهم أن يستقوا من البئر التي كانت تردها الناقة.
[٩٣٦] وروى أبو الزبير عن جابر قال : لمّا مرّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالحجر في غزوة تبوك قال لأصحابه : «لا يدخل أحد منكم القرية ولا تشربوا من مائهم ولا تدخلوا على هؤلاء المعذّبين إلّا أن تكونوا باكين أن يصيبكم مثل ما أصابهم» ، ثم قال : «أما بعد فلا تسألوا رسولكم الآيات ، هؤلاء قوم صالح سألوا رسولهم الناقة فبعث الله الناقة فكانت ترد من هذا الفج وتصدر من هذا الفج وتشرب ماءهم يوم ورودها ، وأراهم مرتقى الفصيل من القارة (١) فعتوا عن أمر ربهم وعقروها ، فأهلك الله من تحت أديم السماء منهم في مشارق الأرض ومغاربها إلّا رجلا واحدا يقال له أبو رغال ، وهو أبو ثقيف كان في حرم الله فمنعه حرم الله من عذاب الله ، فلما خرج أصابه ما أصاب قومه [فدفن](٢) ودفن معه غصن من ذهب» ، وأراهم قبر أبي رغال ، فنزل القوم فابتدروه بأسيافهم وحفروا عنه واستخرجوا ذلك الغصن.
وكانت الفرقة المؤمنة من قوم صالح أربعة آلاف فخرج بهم صالح إلى حضرموت ، فلما دخلوها (٣)
__________________
[٩٣٥] ـ صحيح. أخرجه البخاري ٣٣٧٩ ومسلم ٢٩٨١ وابن حبان ٦٢٠٢ والبيهقي في «الدلائل» (٥ / ٢٣٤) من طرق عن عبيد الله عن نافع به.
وأخرجه أحمد (٢ / ١١٧) وابن حبان ٦٢٠٣ من طريق صخر بن جويرية عن نافع به وانظر الحديث المتقدم ، والحديث الآتي.
[٩٣٦] ـ هو منتزع من أحاديث.
أما قوله : «ولا تشربوا من مائهم» فقد تقدم في الذي قبله من حديث ابن عمر بمعناه.
وقوله : «لا تدخلوا على هؤلاء ...» إلى قوله : «مثل ما أصابهم» أخرجه البخاري ٤٣٣ و ٤٤٢٠ و ٤٧٠٢ ومسلم ٢٩٨٠ وأحمد (٢ / ٥٨ و ٧٢ و ٧٤ و ١١٣) وابن حبان ٦٢٠٠ والبيهقي في «الدلائل» (٥ / ٢٣٣) من حديث ابن عمر.
وقوله : «أما بعد فلا تسألوا رسولكم الآيات ...» إلخ أخرجه الطبري ١٤٨٣٠ من طريق إسماعيل بن أمية عن جابر به.
وأخرجه أحمد (٣ / ٢٩٦) وابن حبان ٦١٩٧ والحاكم (٢ / ٣٤٠ ، ٣٤١) والبزار ١٨٤٤ والطبري ١٤٨٢٤ عن أبي الزبير عن جابر ، دون عجزه مع اختلاف في بعض ألفاظه. وإسناده ضعيف ، فيه أبو الزبير مدلس ، وقد عنعن ، وصححه الحاكم ، ووافقه الذهبي وقال ابن كثير في «تفسيره» (٢ / ٢٨٨) بعد أن أورده من طريق أحمد : هذا الحديث ليس في شيء من الكتب الستة ، وهو على شرط مسلم اه. قلت : فيه عنعنة أبي الزبير كما تقدم فالإسناد ضعيف.
ويشهد لعجزه «فلما خرج أصابه ...» إلخ.
ما أخرجه أبو داود ٣٠٨٨ وابن حبان ٦١٩٩ والبيهقي في «الدلائل» (٦ / ٢٩٧) والمزي في «تهذيب الكمال» (٤ / ١٠ ، ١١) من طرق عن إسماعيل بن أمية عن بجير بن أبي بجير عن عبد الله بن عمرو بنحوه. وإسناده ضعيف. وبجير لم يوثقه أحد غير ابن حبان ونقله ابن كثير في «تاريخه» (١ / ١٣٠) عن شيخه أبي الحجاج المزي احتمال أن بجير بن أبي بجير وقد وهم في رفعه ، وإنما يكون من كلام عبد الله بن عمرو من زاملته.
وأخرجه عبد الرزاق في «تفسيره» ٩١٦ عن إسماعيل بن أمية معضلا ليس فيه ذكر بجير ، ولا عبد الله بن عمرو بن العاص ، وهو أصح من الموصول.
الخلاصة : عجزه غير قوي ، والراجح وقفه على عبد الله بن عمرو بن العاص.
__________________
(١) تصحف في المطبوع «الجهل».
(٢) زيادة عن المخطوط.
(٣) في المخطوط «دخلوا».