اللهمّ إن كان هذا الذي يقول محمد هو الحق من عندك ، (الْحَقَ) نصب بخبر كان ، وهو عماد وصلة (١) ، (فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ) ، كما أمطرتها على قوم لوط ، (أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ)(١) ، أي : ببعض ما عذبت به الأمم ، وفيه نزل : (سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ (١)) [المعارج : ١] ، وقال عطاء : لقد نزل في النضر بن الحارث بضع عشرة آية ، فحاق به ما سأل من العذاب يوم بدر.
[٩٩٦] قال سعيد بن جبير : قتل رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوم بدر ثلاثة من قريش [صبرا] : طعيمة بن عدي وعقبة بن أبي معيط والنضر بن الحارث.
وروى أنس رضي الله عنه أن الذي قاله أبو جهل (٢) لعنه الله.
[٩٩٧] أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي حدثنا محمد بن يوسف ثنا محمد بن إسماعيل ثنا محمد بن النضر ثنا عبيد الله بن معاذ ثنا أبي ثنا شعبة عن عبد الحميد صاحب الزيادي سمع أنس بن مالك قال : قال أبو جهل : اللهمّ إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم ، فنزلت : (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (٣٣)).
قوله تعالى : (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ) ، اختلفوا في معنى هذه الآية ، فقال محمد بن إسحاق : هذا (٢) حكاية عن المشركين أنهم قالوها وهي متصلة بالآية الأولى ، وذلك أنهم كانوا يقولون : إن الله لا يعذّبنا ونحن نستغفر ، ولا يعذب أمّة ونبيّها فيها ، فقال الله تعالى لنبيّه صلىاللهعليهوسلم يذكر جهالتهم وغرّتهم واستفتاحهم على أنفسهم : (وَإِذْ قالُوا اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ) الآية ، وقالوا : (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (٣٣)) ، ثم قال ردّا عليهم : (وَما لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللهُ)؟ وإن كنت بين أظهرهم وإن كانوا يستغفرون ، وهم يصدّون عن المسجد الحرام. وقال الآخرون : هذا كلام مستأنف يقول الله عزوجل إخبارا عن نفسه : (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ).
واختلفوا في تأويلها ، فقال الضحاك وجماعة : وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم مقيم بين أظهرهم.
قالوا : نزلت هذه الآية على رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو مقيم بمكّة ، خرج من بين أظهرهم وبقيت فيها بقية من المسلمين يستغفرون ، فأنزل الله تعالى : (وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) ، فخرج أولئك من
__________________
(١) انظر «أسباب النزول» للواحدي ٤٧٨.
(٢) انظر «صحيح البخاري» ٤٦٤٨ و ٤٦٤٩ و «صحيح مسلم» ٢٧٩٦.
[٩٩٦] ـ أخرجه الطبري ١٥٩٩٣ و ١٥٩٩٤ عن سعيد بن جبير وهذا مرسل ، فهو ضعيف.
وزاد السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٣٢٧) نسبته لابن مردويه.
[٩٩٧] ـ إسناده صحيح على شرط البخاري ، حيث تفرد عن محمد بن النضر.
معاذ هو ابن معاذ ، شعبة هو ابن الحجاج ، عبد الحميد هو ابن دينار.
وهو في «صحيح البخاري» ٤٦٤٩ عن محمد بن النضر بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري ٤٦٤٨ ومسلم ٢٧٩٦ والواحدي (٤٧٩) من طريق عبيد الله بن معاذ به.
__________________
(١) تصحفت العبارة في المطبوع «وهو عماد وأصله» وفي المخطوط «وهو من عندك صلة» والمثبت عن ط.
(٢) في المخطوط «هذه».