خصّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم في هذا الفيء بشيء لم يعطه أحدا غيره ، ثم قرأ : (وَما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ) إلى قوله : (قَدِيرٌ) [الحشر : ٦] ، وكانت هذه خالصة لرسول الله صلىاللهعليهوسلم كان ينفق على أهله وعياله نفقة سنتهم من هذا المال ، ثم يأخذ ما بقي فيجعله مجعل ما لله (١) عزوجل.
واختلف أهل العلم في مصرف الفيء بعد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال قوم : هو للأئمّة بعده. وللشافعي فيه قولان ، أحدهما : للمقاتلة الذين أثبتت أساميهم في ديوان الجهاد لأنهم القائمون مقام النبيّ صلىاللهعليهوسلم في إرهاب العدوّ. والقول الثاني : أنه لمصالح المسلمين ويبدأ بالمقاتلة فيعطون منه كفايتهم ، ثم بالأهم فالأهم من المصالح. واختلف أهل العلم في تخميس الفيء ، فذهب الشافعي إلى أنه يخمس فخمسه لأهل الغنيمة على خمسة أسهم وأربعة أخماسه للمقاتلة وللمصالح. وذهب الأكثرون إلى أن الفيء لا يخمّس بل مصرف جميعه واحد ، ولجميع المسلمين فيه حق.
[١٠٠٥] أخبرنا أبو سعيد عبد الله بن أحمد الظاهري أنا جدي عبد الصمد بن [عبد](٢) الرحمن البزاز أنا محمد بن زكريا العذافري أنا إسحاق الدبري ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري عن مالك بن أوس بن الحدثان أنه سمع عمر بن الخطاب يقول : ما على وجه الأرض مسلم إلّا له في هذا الفيء حق ، إلّا ما ملكت أيمانكم.
[١٠٠٦] وأخبرنا أبو سعيد الطاهري (١) أنبأنا جدي عبد الصمد بن عبد الرحمن البزاز أنبأنا محمد بن زكريا العذافري أنبأنا إسحاق (٢) الدبري ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن أيوب عن عكرمة بن خالد عن مالك بن أوس بن الحدثان ، قال : قرأ عمر بن الخطاب : (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ) حتى بلغ : (عَلِيمٌ حَكِيمٌ) [التوبة : ٦٠] ، فقال : هذه لهؤلاء ، ثم قرأ : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ) حتى بلغ : (وَابْنِ السَّبِيلِ) ، ثم قال : هذه لهؤلاء ، ثم قرأ : (ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى) [الحشر : ٧] ، حتى بلغ : (لِلْفُقَراءِ) [الحشر : ٨](وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ) [الحشر : ١٠] ، ثم قال : هذه استوعبت المسلمين عامّة فلئن عشت فليأتينّ الراعي وهو بسرو حمير نصيبه منها ، لم يعرق فيها جبينه.
قوله تعالى : (إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ) ، قيل : أراد (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ) ، يأمر فيه بما يريد ، فاقبلوه إن كنتم آمنتم بالله ، (وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا) ، أي : إن كنتم آمنتم بالله وبما أنزلنا على عبدنا ، يعني : قوله : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ) [الأنفال : ١] ، (يَوْمَ الْفُرْقانِ) ، يعني :
__________________
[١٠٠٥] ـ موقوف صحيح. إسحاق الدبري ثقة ، وقد توبع هو ومن دونه ، ومن فوقه رجال البخاري ، ومسلم.
إسحاق هو ابن إبراهيم ، عبد الرزاق بن همام ، معمر بن راشد ، الزهري محمد بن مسلم.
وهو في «شرح السنة» ٢٧٣٣ بهذا الإسناد.
وفي «مصنف عبد الرزاق» ٢٠٠٣٩ عن معمر به.
[١٠٠٦] ـ موقوف صحيح. إسحاق الدبري ثقة ، وقد توبع هو ومن دونه ، ومن فوقه رجال البخاري ومسلم.
وهو في «شرح السنة» ٢٧٣٤ بهذا الإسناد.
وفي «مصنف عبد الرزاق» ٢٠٠٤٠ عن معمر به. وانظر ما قبله.
(١) وقع في الأصل «الطاهر» وهو تصحيف.
(٢) وقع في الأصل «أبو إسحاق» والتصويب من مصادر التخريج.
__________________
(١) في المطبوع وط «مال الله» والمثبت عن المخطوطتين.
(٢) سقط من المطبوع.