حتى تزول الشمس وتهبّ الرياح وينزل النصر.
قوله عزوجل : (وَاصْبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ).
[١٠٠٩] أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي [أنا أحمد بن عبد الله النعيمي](١) أنا أحمد بن يوسف ثنا محمد بن إسماعيل ثنا عبد الله بن محمد ثنا معاوية بن عمرو ثنا أبو إسحاق عن موسى بن عقبة عن سالم أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله وكان كاتبا له قال : كتب إليه عبد الله بن أبي أوفى فقرأته :
أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم في بعض أيامه التي لقي فيها العدو انتظر حتى مالت الشمس ، ثم قام في الناس فقال : «يا أيها الناس لا تتمنّوا لقاء العدو وسلوا الله العافية ، فإذا لقيتموهم فاصبروا واعلموا أنّ الجنّة تحت ظلال السيوف» ، ثم قال : «اللهمّ منزّل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب اهزمهم وانصرنا عليهم».
(وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بَطَراً وَرِئاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَاللهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (٤٧) وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ وَقالَ لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ وَقالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ إِنِّي أَخافُ اللهَ وَاللهُ شَدِيدُ الْعِقابِ (٤٨))
قوله تعالى : (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بَطَراً) ، فخرا وأشرا ، (وَرِئاءَ النَّاسِ) ، قال الزجاج : البطر الطغيان في النعمة وترك شكرها ، والرياء : إظهار الجميل ليرى وإبطان القبيح ، (وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَاللهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ).
[١٠١٠] نزلت في المشركين حين أقبلوا إلى بدر ولهم بغي وفخر ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «اللهمّ هذه قريش قد أقبلت بخيلائها وفخرها تجادلك وتكذّب رسولك ، اللهمّ فنصرك الذي وعدتني» ، قالوا : لما رأى أبو سفيان أنه قد أحرز عيره أرسل إلى قريش : إنكم إنّما خرجتم لتمنعوا عيركم فقد نجّاها الله ، فارجعوا ، فقال أبو جهل : والله لا نرجع حتى نرد بدرا ، وكان بدر موسما من مواسم العرب يجتمع لهم بها سوق كل عام ، فنقيم بها ثلاثا فننحر الجزور ونطعم الطعام ونسقي الخمر وتعزف علينا القيان ، وتسمع بنا العرب فلا يزالون يهابوننا أبدا ، فوافوها فسقوا كئوس المنايا مكان الخمر ، وناحت عليهم النوائح مكان القيان (٢) ، فنهى الله عباده المؤمنين أن يكونوا مثلهم وأمرهم بإخلاص النية والحسبة في نصر دينه ومؤازرة نبيّه صلىاللهعليهوسلم.
قوله تعالى : (وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ) ، وكان تزيينه أن قريشا لما اجتمعت للسير ذكرت الذي بينها وبين بني بكر من الحرب ، فكاد ذلك أن يثنيهم فجاء إبليس في جند من الشياطين معه رايته
__________________
[١٠٠٩] ـ إسناده صحيح على شرط البخاري.
أبو إسحاق هو الفزاري إبراهيم بن محمد ، سالم هو ابن أبي أمية.
وهو في «شرح السنة» ٢٦٨٣ بهذا الإسناد ، وفي «صحيح البخاري» ٢٩٦٥ ، ٢٩٦٦ عن عبد الله بن محمد به.
وأخرجه البخاري ٢٨١٨ ومسلم ١٧٤٢ وأبو داود ٢٦٣١ وعبد الرزاق ٩٥١٤ وأبو عوانة (٤ / ٨٨) والحاكم (٢ / ٧٨) والبيهقي (٩ / ٧٦ و ١٥٢) وأبو نعيم في «الحلية» (٨ / ٢٦٠) من طرق عن موسى بن عقبة به.
[١٠١٠] ـ أخرجه الطبري ١٦١٩٤ عن قتادة مرسلا. بنحوه وأخرجه أيضا الطبري ١٦١٨٧ عن ابن عباس دون ذكر الآية واللفظ المرفوع وانظر ما تقدم عند رقم ٩٧٣.
__________________
(١) سقط من المطبوع.
(٢) في المخطوط «القينات».