والباقون بالياء ، وقرأ أبو جعفر : «أسارى» ، والآخرون : (أَسْرى).
[١٠٢٢] وروى الأعمش عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : لمّا كان يوم بدر وجيء بالأسرى ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ما تقولون في هؤلاء»؟ فقال أبو بكر : يا رسول الله قومك وأهلك استبقهم استأن (١) بهم لعلّ الله أن يتوب عليهم ، وخذ منهم فدية تكون لنا قوّة على الكفار ، وقال عمر رضي الله عنه : يا رسول الله كذّبوك وأخرجوك فدعهم نضرب أعناقهم ، مكّن عليا من عقيل فيضرب عنقه ، ومكّني من فلان نسيب لعمر فأضرب عنقه ، فإن هؤلاء أئمّة الكفر ، وقال عبد الله بن رواحة : يا رسول الله انظر واديا كثير الحطب فأدخلهم فيه ثم أضرم عليهم نارا ، فقال له العباس : قطعت رحمك ، فسكت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فلم يجبهم ، ثم دخل : فقال ناس يأخذ بقول أبي بكر ، وقال ناس : يأخذ بقول عمر ، وقال ناس : يأخذ بقول ابن رواحة ، ثم خرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : «إنّ الله تعالى ليليّن قلوب رجال حتى تكون ألين من اللبن (٢) ، ويشدّد قلوب رجال حتى تكون أشدّ من الحجارة ، وإن مثلك يا أبا بكر مثل إبراهيم قال : فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم». [ومثلك يا أبا بكر مثل عيسى قال : (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١١٨))](٣) [المائدة : ١١٨] ، و [إن] مثلك يا عمر مثل نوح قال : (رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً) [نوح : ٢٦] ، ومثلك يا عبد الله بن رواحة مثل موسى قال : (رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ) الآية [يونس : ٨٨] ، ثم قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أنتم اليوم عالة فلا يفلتنّ منهم أحد إلّا بفداء أو ضرب عنق» ، قال عبد الله بن مسعود : إلا سهيل بن بيضاء فإني سمعته يذكر الإسلام ، فسكت رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فما رأيتني في يوم أخوف من أن تقع عليّ الحجارة من السماء من ذلك اليوم ، حتى قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إلا سهيل بن بيضاء».
[١٠٢٣] قال ابن عباس : قال عمر بن الخطاب : فهوي رسول الله صلىاللهعليهوسلم ما قال أبو بكر ولم يهو ما قلت ، فلما كان من الغد جئت فإذا رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأبو بكر قاعدين يبكيان ، قلت : يا رسول الله أخبرني من أي شيء تبكي أنت وصاحبك فإن وجدت بكاء بكيت وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أبكي للذي عرض عليّ أصحابك من أخذهم الفداء ، لقد عرض عليّ عذابهم أدنى من هذه الشجرة» ـ شجرة قريبة من رسول الله صلىاللهعليهوسلم ـ ، وأنزل الله تعالى : (ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ) إلى
__________________
[١٠٢٢] ـ إسناده ضعيف. أخرجه الترمذي ٣٠٨٤ وأحمد (١ / ٣٨٣) والحاكم (٣ / ٢١) وأبو يعلى ٥١٨٨ والطبراني (١٠ / ١٧٧) والواحدي ٤٨٧.
من حديث أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه ، وإسناده ضعيف لانقطاعه بينهما ، ومع ذلك حسنه الترمذي مع قوله : أبو عبيدة لم يسمع من أبيه! وصححه الحاكم! ووافقه الذهبي! والصواب أنه ضعيف ، ولأكثره شواهد. والمنكر فيه لفظ «مثلك يا أبا بكر ....» و «مثلك يا عمر ...» وأما أصل الخبر فصحيح.
انظر «فتح القدير» للشوكاني رقم : ١٠٦٧ بتخريجي.
[١٠٢٣] ـ غريب. أخرجه مسلم ١٧٦٣ وأبو داود ٢٦٩٠ والترمذي ٣٠٨١ وأحمد (١ / ٣٠) وابن أبي شيبة (١٤ / ٣٦٥ ، ٣٦٨) وابن حبان ٤٧٩٣ والبيهقي (٦ / ٣٢١) وفي «الدلائل» (٣ / ٥١ ، ٥٢) من طرق. عن عكرمة بن عمار عن سماك بن الوليد عن ابن عباس عن عمر به ، وأتم منه ، وهذا الحديث من أفراد مسلم ، وفيه غرابة ونكارة ، وقد تكلم في عكرمة وسماك ، راجع «أحكام القرآن» ١٠٥٧ بتخريجي.
__________________
(١) تصحف في المطبوع «استأذن».
(٢) في المطبوع «الزبد».
(٣) زيد في المطبوع وط. وهو في «المسند» لأحمد.