المحرّم إلى صفر فيحرّمون صفر ويستحلّون المحرم ، فإذا احتاجوا إلى تأخير تحريم صفر أخّروه إلى ربيع وهكذا شهرا بعد شهر حتى استدار التحريم على السنّة كلها. فقام الإسلام وقد رجع المحرم إلى موضعه الذي وضعه الله عزوجل فيه وذلك بعد دهر طويل ، فخطب النبيّ صلىاللهعليهوسلم في حجّته ، وبين ذلك كما :
[١٠٦٨] أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف الفربري ثنا محمد بن إسماعيل البخاري ثنا محمد بن سلام ثنا عبد الوهّاب ثنا أيوب عن محمد بن سيرين [عن ابن أبي بكرة](١). عن أبي بكرة :
عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : «إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق السموات والأرض ، السنة اثنا عشر شهرا منها أربعة حرم ثلاثة متواليات ذو القعدة وذو الحجّة والمحرم ، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان». وقال : «أيّ شهر هذا»؟ قلنا : الله ورسوله أعلم ، فسكت حتى ظننا أنه سيسمّيه بغير اسمه ، فقال : «أليس ذو الحجّة؟» قلنا : بلى ، قال : «أي بلد هذا»؟ قلنا : الله ورسوله أعلم ، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه ، فقال : «أليس البلد الحرام»؟ قلنا : بلى ، قال : «فأيّ يوم هذا»؟ قلنا : الله ورسوله أعلم ، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه ، قال : «أليس يوم النحر»؟ قلنا : بلى ، قال : «فإنّ دماءكم وأموالكم» ، قال محمد : وأحسبه قال : «وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا ، وستلقون ربّكم فيسألكم عن أعمالكم ، ألا فلا ترجعوا بعد ضلّالا يضرب بعضكم رقاب بعض ، ألا ليبلغ الشاهد الغائب فلعلّ بعض من يبلغه أن يكون أوعى له من بعض ما سمعه ، ألا هل بلغت ألا هل بلغت»؟
قالوا : وكان قد استمرّ النسيء بهم فكانوا ربما يحجّون في بعض السنين في شهر ، ويحجّون من قابل في شهر آخر. قال مجاهد : كانوا يحجّون في كل شهر عامين ، فحجّوا في شهر ذي الحجّة عامين ثم حجّوا في المحرم عامين ، ثم حجوا في صفر عامين ، وكذلك في الشهور [الباقية](١) ، فوافقت [حجة](٢) أبي بكر رضي الله عنه قبل حجة الوداع السنة الثامنة (٣) من ذي القعدة ، ثم حج النبيّ صلىاللهعليهوسلم في العام القابل حجة الوداع ، فوافق حجه (٤) شهر الحج المشروع وهو ذو الحجّة ، فوقف بعرفة اليوم التاسع وخطب اليوم العاشر بمنى ، وأعلمهم أن أشهر النسيء قد تناسخت باستدارة الزمان ، وعاد الأمر إلى ما وضع الله عليه الحساب [من](٥) الأشهر الحرم يوم خلق الله السموات والأرض ، وأمرهم بالمحافظة عليه لئلا يتبدّل في
__________________
(١) زيادة عن كتب الحديث.
[١٠٦٨] ـ إسناده صحيح على شرط البخاري ، فقد تفرد عن محمد بن سلام.
عبد الوهّاب بن عبد المجيد ، أيوب بن أبي تميمة ، ابن أبي بكرة هو عبد الرحمن.
وهو في «شرح السنة» ١٩٥٨ بهذا الإسناد.
وفي «صحيح البخاري» ٥٥٥٠ عن محمد بن سلام به.
وأخرجه ابن حبان ٥٩٧٤ من طريق عبد الوهّاب به.
وأخرجه البخاري ١٧٤١ و ٤٤٠٦ و ٧٠٧٨ ومسلم ١٦٧٩ وأبو داود ١٩٤٨ وابن ماجه ٢٣٣ وأحمد (٥ / ٣٧ و ٣٩ و ٤٩) وابن حبان ٣٨٤٨ و ٥٩٧٣ وابن خزيمة ٢٩٥٢ والبيهقي (٥ / ١٤٠ و ١٦٥ ، ١٦٦) من طرق عن ابن سيرين به.
__________________
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) زيادة عن المخطوط.
(٣) في المطبوع «الثانية» والمثبت عن المخطوط.
(٤) في المطبوع «حجة».
(٥) في المطبوع «حساب الأشهر» والمثبت عن المخطوط.