[١١٥٦] روي عن ابن عباس أن النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : «لما أغرق الله فرعون قال : آمنت أنه لا إله إلّا الذي آمنت به بنو إسرائيل [وأنا من المسلمين](١) ، فقال جبريل عليهالسلام : يا محمد فلو رأيتني وأنا آخذ من حال (٢) البحر فأدسّه في فيه مخافة أن تدركه الرحمة».
فلما أخبر موسى قومه بهلاك فرعون وقومه ، قالت بنو إسرائيل : ما مات فرعون فأمر الله البحر فألقى فرعون على الساحل أحمر قصيرا كأنّه ثور ، فرآه بنو إسرائيل فمن ذلك الوقت لا يقبل الماء ميتا أبدا [بل طرحه خارجه](٣) ، فذلك قوله :
(فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ) ، أي : نلقيك على نجوة من الأرض وهي المكان المرتفع. وقرأ يعقوب : (نُنَجِّيكَ) بالتخفيف ، (بِبَدَنِكَ) ، بجسدك لا روح فيه. وقيل : ببدنك : بدرعك ، وكان له درع مشهور مرصّع بالجواهر ، فرأوه في درعه فصدّقوا موسى ، (لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً) ، عبرة وعظة ، (وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ عَنْ آياتِنا لَغافِلُونَ).
(وَلَقَدْ بَوَّأْنا بَنِي إِسْرائِيلَ) أنزلنا بني إسرائيل بعد هلاك فرعون ، (مُبَوَّأَ صِدْقٍ) ، منزل صدق ، يعني : مصر. وقيل : الأردن وفلسطين وهي الأرض المقدّسة التي كتب الله ميراثا لإبراهيم وذرّيته. قال الضحاك : هي مصر والشام ، (وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ) ، الحلالات ، (فَمَا اخْتَلَفُوا) ، يعني اليهود الذين كانوا في عهد النبيّ صلىاللهعليهوسلم في تصديقه وأنه نبي ، (حَتَّى جاءَهُمُ الْعِلْمُ) ، يعني : القرآن والبيان بأنّه رسول الله صدق ودينه حق. وقيل : حتى جاءهم معلومهم وهو محمد صلىاللهعليهوسلم لأنهم كانوا يعلمونه قبل خروجه ، فالعلم بمعنى المعلوم كما يقال للمخلوق : خلق ، قال الله تعالى : (هذا خَلْقُ اللهِ) [لقمان : ١١] ، [أي : مخلوقه](٤) ، ويقال : هذا الدرهم ضرب الأمير ، أي : مضروبه. (إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) ، من الدين.
(فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ (٩٤) وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخاسِرِينَ (٩٥) إِنَّ الَّذِينَ
__________________
[١١٥٦] ـ أخرجه الترمذي ٣١٠٨ والنسائي في «التفسير» ٢٥٨ والطيالسي ٢٦١٨ وأحمد (١ / ٢٤٠ و ٣٤٠) والطبري ١٧٨٥٨ و ١٧٨٦٢ والحاكم (١ / ٥٧) و (٢ / ٣٤٠) و (٤ / ٢٤٩) وابن حبان ٦٢١٥ من طريق شعبة عن عطاء بن السائب وعن عدي بن ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس.
صححه الحاكم وقال : على شرطهما ، إلا أن أكثر أصحاب شعبة أوقفوه على ابن عباس ، ووافقه الذهبي.
وقال الترمذي : حسن صحيح غريب.
وصححه الحافظ ابن حجر في «تخريج الكشاف» (٢ / ٣٦٨) وأطال الكلام في هذا الشأن ، ورد فيه على الزمخشري.
وورد من وجه آخر أخرجه الترمذي ٣١٠٧ وأحمد (١ / ٢٤٥ و ٣٠٩) والطبراني ١٢٩٣٢ والطيالسي ٢٦٩٣ والطبري ١٧٨٧٥.
وله شاهد من حديث أبي هريرة أخرجه الطبري ١٧٨٧٤ وابن عدي (٢ / ٧٨٨) وفيه كثير بن زاذان ، وهو مجهول.
وانظر مزيد الكلام عليه في «تخريج الكشاف» (٢ / ٣٦٨).
هو بعض حديث مرفوع ، وتقدم.
__________________
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) في المخطوط «هما».
(٣) زيادة عن المخطوط.
(٤) زيادة عن المخطوط.