متى ، فعرفوه فقالوا : لا نلقيك يا رسول الله ولكن نساهم [فلعل السهم يخرج على غيرك فاقترعوا](١) ، فخرجت القرعة عليه فألقى نفسه في الماء.
قال ابن مسعود رضي الله عنه : ابتلعه الحوت فأهوى به إلى قرار الأرض السابعة ، وكان في بطنه أربعين ليلة فسمع تسبيح الحصى ، فنادى في الظلمات : أن لا إله إلّا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ، فأجاب الله له فأمر الحوت فنبذه على ساحل البحر وهو كالفرخ المتمعط (٢) ، فأنبت الله عليه شجرة من يقطين ، وهو الدباء ، فجعل يستظل تحتها ووكل به وعلة يشرب من لبنها فيبست الشجرة ، فبكى عليها فأوحى الله إليه تبكي على شجرة يبست ولا تبكي على مائة ألف أو يزيدون أردت أن أهلكهم ، فخرج يونس فإذا هو بغلام يرعى ، فقال : من أنت يا غلام؟ قال : من قوم يونس ، فقال [له](٣) : إذا رجعت إليهم فأخبرهم أني لقيت يونس ، فقال الغلام : قد تعلم أنه إن لم تكن لي بينة [كذّبوني و](٤) قتلت ، قال يونس عليهالسلام : تشهد لك هذه البقعة وهذه الشجرة ، فقال له الغلام : فمرهما ، فقال يونس : إذا جاءكما هذا الغلام فاشهدا له ، قالتا : نعم ، فرجع الغلام ، فقال للملك : إني لقيت يونس فأمر الملك بقتله ، فقال : إنّ لي بيّنة فأرسلوا معي فأتى البقعة والشجرة ، فقال : أنشدكما هل أشهدكما يونس؟ قالتا : نعم ، فرجع القوم مذعورين ، وقالوا للملك : شهد له الشجرة والأرض ، فأخذ الملك بيد الغلام وأجلسه في مجلسه ، وقال : أنت أحق بهذا المكان مني ، فأقام لهم أمرهم ذلك الغلام أربعين سنة.
(وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (٩٩) وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ (١٠٠) قُلِ انْظُرُوا ما ذا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ (١٠١))
قوله تعالى : (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ) ، يا محمد ، (لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) ، هذه تسلية للنبيّ صلىاللهعليهوسلم ، وذلك أنه كان حريصا على أن يؤمن جميع الناس ، فأخبره الله جلّ ذكره : أنه لا يؤمن إلّا من سبق له السعادة ، ولا يضلّ إلّا من سبق له من الله الشقاوة.
(وَما كانَ لِنَفْسٍ) ، وما ينبغي لنفس. وقيل : وما كانت نفس ، (أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) ، قال ابن عباس : بأمر الله. وقال عطاء : بمشيئة الله. وقيل : بعلم الله. (وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ) ، قرأ أبو بكر : ونجعل بالنون ، والباقون بالياء ، أي : ويجعل الله الرجس ، أي : العذاب وهو الرجز ، (عَلَى الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ) ، عن الله أمره ونهيه.
(قُلِ انْظُرُوا) ، أي : قل للمشركين الذين يسألونك الآيات (٥) انظروا ، (ما ذا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ، من الآيات والدلائل والعبر ففي السموات الشمس والقمر والنجوم وغيرها ، وفي الأرض الجبال والبحار والأنهار والأشجار وغيرها ، (وَما تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ) ، الرسل ، (عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ) ، وهذا في قوم علم الله أنهم لا يؤمنون.
(فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلاَّ مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (١٠٢) ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنا
__________________
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) في المطبوع «الممعط».
(٣) زيادة عن المخطوط.
(٤) زيادة عن المخطوط.
(٥) في المخطوط «الإيمان».