القيامة](١) فيضع عليه كنفه ويستره فيقول : [أي عبدي](٢) أتعرف ذنب كذا؟ أتعرف ذنب كذا؟ فيقول : نعم أي ربّ ، حتى إذا قرّره بذنوبه ورأى في نفسه أنه قد هلك ، قال : [فإني](٣) سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم ، فيعطى كتاب حسناته».
وأمّا الكفار والمنافقون [فينادى بهم على رءوس الخلائق](٤)(هؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلى رَبِّهِمْ أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ).
(الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) ، يمنعون عن دين الله ، (وَيَبْغُونَها عِوَجاً وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ).
(أُولئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ) ، قال ابن عباس : سابقين. [وقال قتادة : هاربين. وقال مقاتل : فائتين.
(فِي الْأَرْضِ وَما كانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِياءَ) ، يعني : أنصارا وأعوانا يحفظونهم من عذابنا ، (يُضاعَفُ لَهُمُ الْعَذابُ) ، أي : يزاد [لهم](٥) في عذابهم. قيل : تضعيف (٦) العذاب عليهم لإضلالهم الغير واقتداء الأتباع بهم. [قرأ ابن كثير وابن عامر ويعقوب : «يضعّف» مشددة العين بغير ألف. وقرأ الباقون : (يُضاعَفُ) بالألف مخفّفة العين](٧). (ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَما كانُوا يُبْصِرُونَ) ، الهدى. قال قتادة : صمّ عن سماع الحق فلا يسمعونه ، وما كانوا يبصرون الهدى. قال ابن عباس رضي الله عنهما : أخبر الله عزوجل أنه حال بين أهل الشرك وبين طاعته في الدنيا والآخرة ، أما في الدنيا قال : ما كانوا يستطيعون السمع وهو طاعته ، وفي الآخرة قال : فلا يستطيعون ، خاشعة أبصارهم.
(أُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ (٢١) لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ (٢٢) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٢٣) مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً أَفَلا تَذَكَّرُونَ (٢٤) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٢٥) أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلاَّ اللهَ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ (٢٦))
(أُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ) ، غبنوا أنفسهم ، (وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ) ، يزعمون من شفاعة الملائكة والأصنام.
(لا جَرَمَ) ، أي : حقا. وقيل : بلى. وقال الفراء : لا محالة ، (أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ) ، يعني : من غيرهم ، وإن كان الكل في الخسار.
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَأَخْبَتُوا) ، قال ابن عباس : خافوا. قال قتادة : أنابوا. قال مجاهد : اطمأنّوا. وقيل : خشعوا. (إِلى رَبِّهِمْ) ، أي : لربهم ، (أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ).
(مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ) ، المؤمن والكافر ، (كَالْأَعْمى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً) ، قال الفراء : لم يقل (٨) يستوون ، لأن الأعمى والأصم في حيّز كأنهما واحد لأنهما من وصف الكافر ، والبصير والسميع في حيّز كأنهما واحد لأنهما من وصف المؤمن ، (أَفَلا تَذَكَّرُونَ) ، أي : تتعظون.
قوله تعالى : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٢٥)) ، قرأ ابن كثير وأبو عمرو
__________________
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) زيادة عن المخطوط.
(٣) زيادة عن المخطوط.
(٤) ما بين المعقوفتين في المخطوط «فيقول الأشهاد».
(٥) زيادة عن المخطوط.
(٦) في المطبوع «يضاعف».
(٧) سقط من المخطوط وط.
(٨) زيد في المطبوع «هل».