(فَخانَتاهُما) [التحريم : ١٠] ، أي : في الدين والعمل لا في الفراش. وقوله : (إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ) ، يعني : تدعو بهلاك الكفار ثم تسأل نجاة كافر.
(قالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْئَلَكَ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخاسِرِينَ (٤٧) قِيلَ يا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكاتٍ عَلَيْكَ وَعَلى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ (٤٨) تِلْكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيها إِلَيْكَ ما كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هذا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ (٤٩) وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ مُفْتَرُونَ (٥٠))
(قالَ) نوح : (رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْئَلَكَ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخاسِرِينَ).
(قِيلَ يا نُوحُ اهْبِطْ) انزل من السفينة ، (بِسَلامٍ مِنَّا) ، أي : بأمن وسلامة منّا ، (وَبَرَكاتٍ عَلَيْكَ) ، البركة هي ثبوت الخير ومنه بروك (١) البعير. وقيل : البركة هاهنا هي أن الله تعالى جعل ذريّته ، هم الباقين إلى يوم القيامة ، (وَعَلى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ) ، أي : على ذرية أمم ممن كان معك في السفينة ، يعني : وعلى قرون تجيء بعدك من ذرية من معك في السفينة ، يعني : من ولدك وهم المؤمنون ، قال محمد بن كعب القرظي : دخل فيه كل مؤمن إلى يوم القيامة ، (وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ) ، هذا ابتداء ، أي : أمم سنمتعهم في الدنيا ، (ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ) ، وهم الكافرون وأهل الشقاوة.
(تِلْكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ) ، من أخبار الغيب ، (نُوحِيها إِلَيْكَ ما كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هذا) ، من قبل نزول القرآن ، (فَاصْبِرْ) على القيام بأمر الله وتبليغ الرسالة وما تلقى من أذى الكفار كما صبر نوح ، (إِنَّ الْعاقِبَةَ) آخر الأمر بالسعادة والنصرة (لِلْمُتَّقِينَ) ، [لأهل التقوى](٢).
قوله تعالى : (وَإِلى عادٍ) ، أي : وأرسلنا إلى عاد ، (أَخاهُمْ هُوداً) ، في النسب لا في الدين ، (قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ) ، وحّدوا الله (ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ) ، ما أنتم في إشراككم إلّا كاذبون.
(يا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلا تَعْقِلُونَ (٥١) وَيا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ (٥٢) قالُوا يا هُودُ ما جِئْتَنا بِبَيِّنَةٍ وَما نَحْنُ بِتارِكِي آلِهَتِنا عَنْ قَوْلِكَ وَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (٥٣) إِنْ نَقُولُ إِلاَّ اعْتَراكَ بَعْضُ آلِهَتِنا بِسُوءٍ قالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (٥٤) مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ (٥٥) إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ ما مِنْ دَابَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٦))
(يا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً) ، أي : على تبليغ الرسالة ، (أَجْراً) ، جعلا ، (إِنْ أَجْرِيَ) ، ما ثوابي ، (إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي) ، خلقني ، (أَفَلا تَعْقِلُونَ).
(وَيا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ) ، أي : آمنوا به ، والاستغفار هاهنا بمعنى الإيمان ، (ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ) ، من
__________________
(١) في المخطوط «بورك».
(٢) ليس في المخطوط.