وجهه ، معناه : نبيّن لك أخبار الأمم السالفة والقرون الماضية أحسن البيان. وقيل : المراد منه قصة يوسف عليهالسلام خاصة ، سمّاها أحسن القصص لما فيها من العبر والحكم والنكت والفوائد التي تصلح للدّين والدنيا ، من سير الملوك والمماليك والعلماء ومكر النساء والصبر على أذى الأعداء ، وحسن التجاوز عنهم بعد الالتقاء وغير ذلك من الفوائد. قال خالد بن معدان : سورة يوسف وسورة مريم عليهمالسلام يتفكّه بهما أهل الجنّة في الجنّة. وقال ابن عطاء : لا يسمع سورة يوسف عليهالسلام محزون إلا استراح لها (١). قوله عزوجل : (بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) ، ما المصدر ، أي : بإيحائنا إليك ، (هذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ) ، [أي](٢) : وقد كنت ، (مِنْ قَبْلِهِ) ، أي : من قبل وحينا ، (لَمِنَ الْغافِلِينَ) ، لمن الساهين عن هذه القصة لا تعلمها.
[١١٧٦] قال سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه : أنزل القرآن على رسول الله صلىاللهعليهوسلم فتلاه عليهم زمانا فقالوا : يا رسول الله لو حدثتنا ، فأنزل الله عزوجل : (اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ) [الزمر : ٢٣] ، فقالوا : يا رسول الله لو قصصت علينا ، فأنزل الله عزوجل : (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ) ، فقالوا : يا رسول الله لو ذكرتنا ، فأنزل الله عزوجل : (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ) [الحديد : ١٦].
(إِذْ قالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ (٤) قالَ يا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً إِنَّ الشَّيْطانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ (٥))
قوله عزوجل : (إِذْ قالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ) ، أي : اذكر إذ قال يوسف لأبيه ، ويوسف اسم أعجمي (٣) ، ولذلك لا يجري عليه الصرف. وقيل : هو عربي ، سئل أبو الحسن الأقطع عن يوسف ، فقال : الأسف في اللغة الحزن ، والأسيف العبد ، واجتمعا (٤) في يوسف عليهالسلام فسمّي به (١).
[١١٧٧] أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أنبأنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنبأنا محمد بن يوسف ثنا محمد بن إسماعيل قال : حدثنا عبد الله بن محمد ثنا عبد الصمد عن عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار عن أبيه
__________________
[١١٧٦] ـ جيد. أخرجه الحاكم (٢ / ٣٤٥) وأبو يعلى ٧٤٠ والطبري وابن حبان ٦٢٠٩ والبزار ٣٢١٨ والواحدي ٥٤٤ من طريق عمرو بن محمد عن خلاد الصفار عن عمرو بن قيس الملائي عن عمرو بن مرة عن مصعب بن سعد عن أبيه به.
وصححه الحاكم ، ووافقه الذهبي ، وهو حديث حسن صحيح.
(١) هذا القول باطل ، فإن أباه سماه يوسف عند ولادته ، وقبل أن يعرض له شيء.
[١١٧٧] ـ إسناده صحيح ، رجاله رجال البخاري.
عبد الصمد هو ابن عبد الوارث.
وهو في «شرح السنة» ٣٤٤١ بهذا الإسناد ، وفي «صحيح البخاري» ٤٦٨٨ عن عبد الله بن محمد به.
وأخرجه البخاري ٣٣٩٠ وأحمد (٢ / ٩٦) والخطيب (٣ / ٤٢٦) من حديث ابن عمر.
وأخرجه الترمذي ٣١١٦ وأحمد (٢ / ٣٣٢ و ٤١٦) وابن حبان ٥٧٧٦ من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا.
وأخرج البخاري ٣٣٥٣ و ٣٣٧٤ و ٣٣٨٣ و ٣٤٩٠ و ٤٦٨٩ ومسلم ٢٣٧٨ وأحمد (٢ / ٤٣١) من طريق عبيد الله بن عمر عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة قال : سئل رسول الله صلىاللهعليهوسلم : أي الناس أكرم؟ قال : أكرمهم عند الله أتقاهم. قالوا : ليس عن هذا نسألك. قال : فأكرم الناس يوسف نبي الله ابن نبي الله ابن نبي الله ابن خليل الله ....».
__________________
(١) في المطبوع «إليها».
(٢) زيادة عن المخطوط.
(٣) في المطبوع وط «عبري».
(٤) في المطبوع «واجتمع».