محمد بن إسماعيل ثنا أبو نعيم أنا أفلح عن القاسم عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : فتلت قلائد بدن النبيّ صلىاللهعليهوسلم بيدي ، ثم قلّدها وأشعرها وأهداها ، فما حرم عليه شيء كان أحلّ له.
وقاس الشافعي البقر على الإبل في الإشعار ، وأمّا الغنم فلا تشعر بالجرح ، فإنها لا تحتمل الجرح لضعفها ، وعند أبي حنيفة رضي الله عنه لا يشعر الهدي.
وقال عطية عن ابن عباس رضي الله عنهما : لا تحلّوا شعائر الله وهي أن تصيد وأنت محرم ، بدليل قوله تعالى : (وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا) ، وقال السدي : أراد حرم الله ، وقيل : المراد منه النهي عن القتل في الحرم.
وقال عطاء : شعائر الله حرمات الله واجتناب سخطه واتباع طاعته ، قوله : (وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ) ، أي : بالقتال فيه ، وقال ابن زيد : هو النسيء ، وذلك أنهم كانوا يحلّونه عاما ويحرّمونه عاما ، (وَلَا الْهَدْيَ) ، [و] هو كل ما يهدى إلى بيت الله من بعير أو بقرة أو شاة ، (وَلَا الْقَلائِدَ) ، أي : الهدايا المقلّدة ، يريد ذوات القلائد ، وقال عطاء : أراد أصحاب القلائد ، وذلك أنهم كانوا في الجاهلية إذا أرادوا الخروج من الحرم قلّدوا أنفسهم وإبلهم بشيء من لحاء شجر الحرم كيلا يتعرّض لهم ، فنهى الشرع عن استحلال شيء منها.
وقال مطرّف بن الشّخّير : هي القلائد نفسها وذلك أنّ المشركين كانوا يأخذون من لحاء شجر مكة ويتقلّدونها فنهوا عن نزع شجرها.
قوله تعالى : (وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ) ، أي : قاصدين البيت الحرام ، يعني : الكعبة فلا تتعرضوا لهم ، (يَبْتَغُونَ) يطلبون (فَضْلاً مِنْ رَبِّهِمْ) ، يعني : الرزق بالتجارة ، (وَرِضْواناً) ، أي : على زعمهم ، لأن الكافر (١) لا نصيب له في الرضوان ، قال قتادة : هو أن يصلح معايشهم في الدنيا ولا يعجل لهم العقوبة فيها ، وقيل : ابتغاء الفضل للمؤمنين والمشركين عامة ، وابتغاء الرضوان للمؤمنين خاصة ، لأنّ المسلمين والمشركين كانوا يحجّون ، وهذه الآية إلى هاهنا منسوخة بقوله : (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) ، وبقوله : (فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا) [التوبة : ٢٨] ، فلا يجوز أن يحجّ مشرك ولا يأمن كافر بالهدي والقلائد. قوله عزوجل : (وَإِذا حَلَلْتُمْ) ، أي : من إحرامكم ، (فَاصْطادُوا) ، أمر إباحة ، أباح للحلال أخذ الصيد ؛ كقوله تعالى : (فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ) [الجمعة : ١٠] ، (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ) ، قال ابن عباس رضي الله عنهما وقتادة : لا يحملنّكم ، يقال : جرمني فلان على أن صنعت كذا ، أي : حملني ، وقال الفراء : لا يكسبنّكم ، يقال : جرم أي : كسب فلان
__________________
وأخرجه البخاري ١٦٩٩ و ١٧٠٥ ومسلم ١٣٢١ وأبو داود ١٧٥٧ و ١٧٥٩ والترمذي ٩٠٨ والنسائي (٥ / ١٧١ و ١٧٢ و ١٧٥) وابن ماجه ٣٠٩٨ والحميدي ٢٠٩ وأحمد (٦ / ٧٨ و ٨٥ و ٢١٦) وأبو يعلى ٤٦٥٩ وابن الجارود ٤٢٣ والطحاوي (٥ / ٢٣٣) من طرق عن القاسم بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري ١٧٠٤ و ٥٥٦٦ ومسلم ١٣٢١ ح ٣٧٠ والنسائي (٥ / ١٧١) وأبو يعلى ٤٦٥٨ والطحاوي (٢ / ٢٦٥) من طرق عن عامر الشعبي عن مسروق عن عائشة بنحوه.
وأخرجه مالك (١ / ٣٤٠) عن عبد الله بن أبي بكر عن عمرة عن عائشة بنحوه ، ومن طريق مالك أخرجه البخاري ١٧٠٠ و ٢٣١٧ ومسلم ١٣٢١ ح ٣٦٩ والنسائي (٥ / ١٧٥) وأبو يعلى ٤٨٥٣ والطحاوي (٢ / ٢٦٦) والبيهقي (٥ / ٢٣٤).
__________________
(١) في المطبوع «الكافرين».