وقد أوضح الاستاذ الامام محمد عبده جوانب لفضيلة الشهادة ، حين تعرض للكلام عن هذا النص المجيد ، فقال : «اذا كان الله لا يضيع من عمل عامل مثقال ذرة ، فكيف يكون حال الناس اذا جمعهم الله ، وجاء بالشهداء عليهم ، وهم الانبياء ، فما من أمة الا ولها بشير ونذير؟!.
هذه الشهادة هي التي غفل عنها الناس ، وبكى لها النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ اذ أمر بعض الصحابة بأن يقرأ عليه شيئا من القرآن ، وهو صلىاللهعليهوآلهوسلم أعلم الناس بالقرآن.
هذه الشهادة يوم يجمع الله الناس مع أنبيائهم ، هي عبارة عن مقابلة عقائدهم وأخلاقهم وأعمالهم بعقائد الانبياء وأعمالهم وأخلاقهم.
تعرض أعمال كل أمة على نبيها ، لا فرق بين اليهود والنصارى والمسلمين ، وسائر أتباع الانبياء ، فمن شهد لهم نبيهم ، بعد معرفة أعمالهم وظهورها بأنهم على ما جاء به وعمل ، وأمر الناس بالعمل به ، فهم الناجون.
ان كل أمة من أتباع الانبياء تدّعي اتباع نبيها ، وان كانت قلوبهم مملوءة بالحقد والحسد والغل ، وأعمالهم كلها شرورا ومفاسد عليهم وعلى الناس ، فهؤلاء يتبرأ الانبياء منهم ، وان ادعوا أنهم أتباعهم ومنتمون اليهم».
* * *
والشهادة فيها معنى الرقابة على الغير ، وذلك كما في قول الحق جل جلاله في سورة يونس :
«وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ»(١).
أي كنا رقباء عليكم.
__________________
(١) سورة يونس ، الآية ٦١.